لا تعللونا بالآمال، ولا تقولوا رويدا ينضج الطعام، بل كونوا كالخليفة ابن الخطاب الذي حمل على ظهره كيس الدقيق لتلك الأرملة.
قلت فيما مضى: «أشبعوا المعلم على الأقل»، والآن أقول: «إن الكثيرين من المعلمين المحتاجين، الضعاف الوجدان، يتمثلون بقول المثل القائل: على قدر زوادتكم نرعى لكم دابتكم»، وإذا كان هذا هو الشعار فمصير الوطن إلى أين؟»
فإذا أردنا أن يكون لنا معلمون مخلصون محترمون بناءون لا هدامون، فعلينا أولا أن نكفيهم مئونة التفتيش عن الرغيف والكساء، علينا أن نحوط المعلم بالوقار والإجلال، وهذا لا يدرك إلا بالاستغناء عن السعي وراء اللقمة والكسوة. أحسن جدا وزير الشئون الاجتماعية حين فكر بمساواة العمال بإخوانهم في البلدان الأخرى، فهل من يفكر بمساواة المعلم بالعامل؟! ...
يلذ لي في هذا المقام أن أنشر نبأ أذيع عام 1947، وهذا هو نصه:
واشنطن، 25 حزيران
أعلن اليوم أن الجنرال دوايت أيزنهاور القائد العام الأكبر لقوات الحلفاء في حرب أوروبا، والذي قاد أعظم جيش عرفه التاريخ بعدده وعدده، واحتل ألمانيا بعد كفاح سنة كاملة؛ قد قبل أخيرا أن يكون مديرا وعميدا لجامعة كولومبيا في نيويورك، وسوف يضطلع بمهام منصبه العلمي الجديد في مطلع السنة الجديدة.
وقالت وزارة الحربية: إن الجنرال أيزنهاور - رئيس أركان حرب الجيش الأمريكي - قبل أن يكون مديرا للجامعة بعد موافقة رئيس الولايات المتحدة ووزير الحربية.
أظن أن الجنرال أيزنهاور رأى أنه يعمل في أساس مهنته الحربية بإدارة أقدم جامعة في الولايات المتحدة، فمن هناك تخرج الرجال الذين يقودون الأمة إلى جميع الساحات، أما نحن فنرى أن منصبا كهذا لا يعادل كرسيا صغيرا في زاوية، يقبع عليه موظف كبير كالخنفساء.
نحن لا نلوم وزارة بعينها على هذا الإبطاء وعدم الافتكار بالمعلمين وقانونهم المضمر، ولكننا نلوم الوزراء جميعا والنواب جميعا والموظفين ذوي الصلاحية ، فمن منهم لم يتعلم عند معلم؟ ألا يقضي الواجب على كل من تعلم أن ينصر قضية معلمه؟ ولو فكر بعضهم قليلا لانحلت المشكلة في أقرب وقت.
والوزارة التي تفكر بالإنشاءات الضخمة أما عليها أن تفكر بالترميم؟ إن المعلم جسر عبروا عليه حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه، أيجوز ألا يفكروا بترميمه كيلا يسقط؟
Bog aan la aqoon