هذه قصة رجل عاش نصف عمره بائسا أو كالبائس، وأخيرا صار واحدا من عظماء الأمة، فلو لم ينخسه مهماز الفاقة لم يقطع هذا الشوط العظيم من مضمار الحياة.
أرأيت إذن أن الفقر قد يكون نعمة لا نقمة؟ فلا تتأفف يا صاحبي ولا تتذمر، بل رز نفسك وقل: ما ينقصني؟ لماذا لا أكون أنا الفتى الذكي النشيط مثل هنري ويلسن؟ ألا تذكر قول المتنبي الفقير:
عجبت لمن له حد وقد
وينبو نبوة القصم الكهام
ولم أر في عيوب الناس شيئا
كنقص القادرين على التمام
والعم بشار بن برد ألم يكن من أبناء الفقراء؟ أليس هو ابن ذاك الطيان؟ والجاحظ ألم يكن ابن جمال؟ ألم يكن بياع خبز وسمك؟ ألا يعجبك هؤلاء الثلاثة؟
فإذا كنت من محبي الثروة فكم من فقير أثرى! وإذا كنت تحب الشأن الرفيع فحسبك هنري ويلسن، وإذا كنت ممن رزقوا قريحة وذهنا ذكيا فاقتد ببشار والجاحظ والمتنبي.
إن الفقر هو الذي يصيح بنا دائما: إلى العمل، إلى الكد، فأكثر الذين أمسوا أصحاب ملايين، ومشاهير رجال، وكبار محسنين، ورجال دولة، وعلماء، وأدباء، وشعراء إنما هم من الأشخاص الذين كانوا لا يعلون عليك قيراطا واحدا، ولا تفوق أحوالهم حالك بشيء.
إذا كنت مؤمنا بالآية القائلة:
Bog aan la aqoon