Studies in the History of Ancient Arabs
دراسات في تاريخ العرب القديم
Daabacaha
دار المعرفة الجامعية
Lambarka Daabacaadda
الثانية مزيدة ومنقحة
Noocyada
بمفرادتها على أوجه الحياة والحضارة الجاهلية، هذا فضلا عن أن القاموس العربي ليس للمفردات اللغوية فحسب، بل هو في الحقيقة يجمع المفردات اللغوية والمعارف الجغرافية والتاريخية والعلمية والفنية، ومن ثم فقد كانت كتب اللغة -ومعاجمها بصفة خاصة- مصادر مهمة للحياة في الجاهلية١.
وربما كان من الأهمية بمكان أن نشير هنا إلى أنه ربما لم تظفر لغة من اللغات بما ظفرت به اللغة العربية من ثراء في المعاجم وتنوع في مناهجها وطرق تبويبها، وأما قواميس العرب، فلعل أهمها، القاموس المحيط للفيروزآبادي، ولسان العرب لابن منظور، وتاج العروس للمرتضى الزبيدي، والصحاح للجوهري٢.
_________
١ عمر فروخ: المرج السابق ص١٦.
٢ راجع عن المعاجم: الدكتور عبد الستار الحلوجي: مدخل لدراسة المراجع، القاهرة ١٩٧٤ ص٣٥-٤١.
٧- كتب التاريخ والجغرافية: لعل من الأمور الغريبة أن المؤرخين الإسلاميين قد انصرفوا عن تدوين التاريخ الجاهلي -ولا سيما القديم منه- وحين فعلوا لم تكن كتاباتهم إلا مقدمات لتواريخهم المفصلة والدقيقة للعصر الإسلامي، وحتى هذه المقدمات لم تكن مفصلة ولا دقيقة١، ذلك لأنهم لم يعتمدوا فيها على سند مدون، أو يأخذوها من نص مكتوب، وإنما كان عمادهم في ذلك أفواه الرجال، وهو أمر لا يمكن الاطمئنان إليه، ذلك أن رواة الأخبار، حتى إن كانوا بعيدين عن الميول والأهواء، وحتى إن كانوا من أصحاب الملكات التي تستطيع التمييز بين الغث والسمين، فإن للذاكرة آمادًا لا تستطيع تجاوزها. لقد تحدث أهل الأخبار عن عاد وثمود وطسم وجديس وجرهم وغيرهم من الأمم البائدة، وتكلموا عن المباني القديمة وعن جن سليمان وأسلحته، ورووا شعرًا ونثرًا نسبوه إلى الأمم المذكورة، وإلى التبابعة، بل نسبوا شعرًا إلى آدم، وزعموا أنه قاله حين حزن على ولده وأسف على فقده، ونسبوا شعرًا إلى إبليس، قالوا أنه نظمه في الرد على شعر آدم المذكور، وأنه أسمعه آدم بصوته دون أن يراه، ورووا أشياء أخرى كثيرة من هذه القبيل يصعب تصديقها مما جعل تاريخهم _________ ١ محمد مبروك نافع: عصر ما قبل الإسلام ص٥.
٧- كتب التاريخ والجغرافية: لعل من الأمور الغريبة أن المؤرخين الإسلاميين قد انصرفوا عن تدوين التاريخ الجاهلي -ولا سيما القديم منه- وحين فعلوا لم تكن كتاباتهم إلا مقدمات لتواريخهم المفصلة والدقيقة للعصر الإسلامي، وحتى هذه المقدمات لم تكن مفصلة ولا دقيقة١، ذلك لأنهم لم يعتمدوا فيها على سند مدون، أو يأخذوها من نص مكتوب، وإنما كان عمادهم في ذلك أفواه الرجال، وهو أمر لا يمكن الاطمئنان إليه، ذلك أن رواة الأخبار، حتى إن كانوا بعيدين عن الميول والأهواء، وحتى إن كانوا من أصحاب الملكات التي تستطيع التمييز بين الغث والسمين، فإن للذاكرة آمادًا لا تستطيع تجاوزها. لقد تحدث أهل الأخبار عن عاد وثمود وطسم وجديس وجرهم وغيرهم من الأمم البائدة، وتكلموا عن المباني القديمة وعن جن سليمان وأسلحته، ورووا شعرًا ونثرًا نسبوه إلى الأمم المذكورة، وإلى التبابعة، بل نسبوا شعرًا إلى آدم، وزعموا أنه قاله حين حزن على ولده وأسف على فقده، ونسبوا شعرًا إلى إبليس، قالوا أنه نظمه في الرد على شعر آدم المذكور، وأنه أسمعه آدم بصوته دون أن يراه، ورووا أشياء أخرى كثيرة من هذه القبيل يصعب تصديقها مما جعل تاريخهم _________ ١ محمد مبروك نافع: عصر ما قبل الإسلام ص٥.
1 / 47