القسم الثّاني
المبحث الأوّل
من آذى النَّبيَّ - ﷺ - فقد أغضب ربّه
﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٨٦)﴾ [آل عمران].
ألا تعجبون كيف يصرف الله عن نبيّه الأذى؟!
كان كُفّارُ قريش من شدّة بغضهم للنَّبيِّ - ﷺ - وكراهتهم له لا يسمُّونه باسمه الدّال على المدح (محمّد) لأنه اسم مفعول مشتقّ من الفعل الرُّباعي (حمّد) المضاف للمبالغة أي كثير الخصال المحمودة على المفعول، أو كثير الحمد على الفاعل؛ فيعدلون عن هذا الاسم المشرّف المشرق إلى ضده، فيسمونه مذمّما.
ولذلك روى البخاري عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله - ﷺ ـ: " ألا تعجبون كيف يَصْرِف الله عنّي شتم قريش ولعنهم! يشتمون مُذمّما، ويلعنون مُذمّما، وأنا محمّد " (^١) فاعجب كيف يَصْرِفُ الله عن اسمه - ﷺ - وصفته أذى قريش!
وقد كان الذي يذكرونه بحقّه - ﷺ - مصروفًا إلى غيره، لأنّ مذمّما ليس اسم النَّبيِّ - ﷺ - فلا يُفسّر مذمّمٌ بمحمّدٍ بوجه من الوجوه، ولذلك فإنّ شتم الشَّانئين مصروف إليهم، وهذا مصداق لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ... (٧)﴾ [الإسراء] وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ... (٤٦)﴾ [فصلت] فمن أساء إنّما أساء إلى نفسه في الدّنيا والآخرة! ولن يضرَّ الرَّسولَ - ﷺ - كلامُ شانئ أبدًا: