المبحث الثّاني
أحبُّ من آلي ومالي
﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ... (٢٩)﴾ [الفتح].
وجوب محبّته - ﷺ - ونصرته
امتحن الله تعالى عباده الّذين يحبّون الله ورسوله بهذه الآية، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ... (٣١)﴾ [آل عمران].
فقد اشترط الله على عباده لينالوا محبّته اتّباعَ رسوله - ﷺ ـ، ولذلك فإنّ دعوى محبّة الله والرّسول دون اتّباعٍ دعوى باطلة وخاسرة؛ لأنّ من علامات محبّة الله اتّباع رسوله - ﷺ ـ، ونصرة دينه، والذّب عن شريعته، والتّخلّق بأخلاقه، وإحياء سنّته، وتوقيره، ومن توقيره توقير أصحابه ﵃ والإمساك عمّا شَجَرَ بينهم.
وقد أثبت الله الحبّ له، فقال: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ... (٥٤)﴾ [المائدة] وكلّما كان العبد لله أعْرَفَ كان حبُّه أشدَّ وطاعته أعظم، كما أثبت الله تعالى هذا التفاوت في الحبّ، فقال: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ... (١٦٥)﴾ [البقرة]، ويزاد في محبّة النَّبيِّ - ﷺ - على محبّة الله التخلّق بخلقه - ﷺ ـ، وقد عرفنا أنّ خلقه القرآن الكريم، فمن جاهد نفسه على ذلك وجد حلاوة الإيمان.
وقد جعل الرَّسول - ﷺ - محبة الله ورسوله من شروط الإيمان في غير حديث، قال - ﷺ ـ: " لا يؤمن أحدكم حتَّى أكون أحب إليه من والده وولده والنَّاس أجمعين " (^١).
واسم التفضيل (أحبّ) هو أفعل بمعنى المفعول، أي حتى يكون الرَّسولُ محبوبًا