240

Stopping the Temptation: A Critical Study of the Instigators' Suspicions and the Trials of Jamal and Siffin According to the Methodology of the Muhaddithin

وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين

Daabacaha

دار عمار للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Goobta Daabacaadda

عمان - المملكة الأردنية الهاشمية

Noocyada

ومما يشهد بحسن سياسته مع رعيّته مقولته المشهورة: " لا أضعُ سيفي حيث يَكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أنّ بيني وبين النّاس شعرة ما انقطعت. قيل: وكيف ذاك؟ قال: كنْتُ إذا مَدُّوها خلَّيْتُها، وإذا خلُّوها مددتُها " (^١).
ومّما يشهد بعدله وإنصافه أنّ قومًا كانوا عند الأعمش فذكروا عمر بن عبد العزيز وعدله، فقال الأعمش: " فكيف لو أدركتم معاوية؟ قالوا: يا أبا محمّد، يعني في حلمه؟ قال: لا والله، ألا بَلْ في عدله " (^٢).
وقد ثبت عن الزّهري أنّه قال: " عمل معاوية بسيرة عمر بن الخطّاب سنين لا يَخْرم منها شيئًا " (^٣) فيا ليت لنا رجالًا ملء الأرض من أمثال معاوية ﵁ ولكن:
هيهات لا يأتي الزمان بمثله ... إنَّ الزمان بمثله لبخيل!
وممَّا يشهد بعلمه وفقهه، ما أخرج البخاري عن ابن أبي مُليْكة، قال: " أوتَرَ مُعاوية بعد العِشاء بركعة وعنده مولى لابن عبّاس، فأتى ابنَ عبّاس، فقال: دعْه فإنّه قد صحبَ رسولَ الله ﷺ " (^٤).
وما أخرجه البخاري عن ابن أبي مُليْكة، قيل لابن عبّاس: " هل لكَ في أمير المؤمنين مُعاوية، فإنّه ما أوتر إلاّ بواحدة، قال: إنّه فقيه " (^٥) وحَسْبُ مُعاوية شهادة ابن عبّاس له بالصّحبة والفقه، ولله درّ القائل:
عاب التّفقّه قومٌ لا عقولَ لهم ... وما عليه إذا عابوه من ضَرَر
ما ضرّ شمس الضّحى والشّمس طالعة ... أن لا يَرى ضوءها مَنْ كان ذا بصر

(^١) ابن قتيبة " عيون الأخبار " (م ١/ص ٦٢).
(^٢) أبو بكر الخلال " السّنّة " (ج ٢/ص ٤٣٧/رقم ٦٦٧).
(^٣) أبو بكر الخلاّل " السّنّة " (ج ٢/ص ٤٤٤/رقم ٦٨٣) وقال المحقق: إسناده صحيح.
(^٤) البخاري " صحيح البخاري " (م ٢/ج ٤/ص ٢١٩) كتاب أحاديث الأنبياء.
(^٥) المرجع السَّابق.

1 / 241