"ومن كان من الصّحابة مع معاوية؟ يقال: لم يكن في الفريقين مائةٌ من الصّحابة، والله أعلم، وجميعهم صحابة، فهم عدول كُلُّهُم " (^١).
وقد خَسِرَ المسلمون يوم صفّين أعلامًا من الصّحابة منهم عبيد الله بن عمر بن الخطّاب وكان مع معاوية، قال الحافظ: " ولا خلاف في أنّه قُتِلَ بصفّين مع معاوية " (^٢)، وقتل في أصحاب عليّ عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي (^٣) وقتل أيضًا هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص، المعروف بالمرقال ابن أخي سعد بن أبي وقّاص (^٤) كما قُتِل الصَّحابيُّ الجليل عمّار ابن ياسر ﵃ جميعًا ـ.
براءة معاوية وعمرو من دم عمّار بن ياسر
قول النَّبيِّ ﷺ: " وَيْحَ عمَّار تقتُله الفئة الباغية " (^٥).
لا يفهم منه أنّ فئة معاوية تتحمل دمه؛ فما جاء مطلقًا في هذا الحديث الشّريف، جاء مُقَيَّدًا في حديث آخر، فقد أخرج أحمد بإسناد حسن عن أبي غادية، قال: " قُتل عمّار بن ياسر، فأخْبِرَ عمرو بن العاص، قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: إنَّ قاتله وسالبه في النَّار. فقيل لعمرو: فإنَّكَ تقاتله؟ قال: إنّما قال: قاتله وسالبه " (^٦). فالّذي يتحمّل وزره قاتله وسالبه.
ولم يكن في نيّة أحد من الصّحابة أن يقتل عمّار بن ياسر، وهو يعلم أنّ قاتله في النّار! وليس أَدلَّ على ذلك من رواية أحمد بسند صحيح عن عبد الله بن الحارث، قال: " إنّي
(^١) ابن كثير " الباعث الحثيث " (ص ١٦٧).
(^٢) ابن حجر " الإصابة " (م ٣/ج ٥/ص ٧٦/رقم ٦٢٣٥).
(^٣) ابن حجر " الإصابة " (م ٢/ج ٤/ص ٣٩/رقم ٤٥٥٠).
(^٤) ابن حجر " الإصابة " (م ٣/ج ٦/ص ٢٧٥/رقم ٨٩١٣).
(^٥) البخاري " صحيح البخاري " (م ٢/ج ٣/ص ٢٠٧) كتاب السّير.
(^٦) أحمد " المسند " (ج ١٣/ص ٤٩١/رقم ١٧٧٠٤).