أُصَيحابي، فليُقَالنّ لي: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك " (^١).
ويظنّون أنّ هذا الحديث الشّريف يُدين أصحاب النَّبيِّ ﷺ، ويجيئون به كدليل يحتجّون به على إكفارهم لأصحاب النَّبيِّ ﷺ: ﴿لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠)﴾ [مريم].
والحديث صحيح رواه مسلم عن أنس بن مالك، ورواه غيره بأسانيد وطرائق متكاثرة، وهو عند البخاري عن ابن عبّاس ﵄ قال: خطب رسول الله ﷺ فقال: " ... ألا وإنّه يجاء برجال من أمّتي فيُؤخذُ بهم ذات الشّمال فأقول: يا ربّ، أصيحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بَعْدك، فأقول كما قال العبد الصّالح: ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ... (١١٧)﴾ [المائدة] فيُقال: إنّ هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أدبارهم منذ فارقتهم " (^٢).
وهذا الحديث من أعلام النُّبوَّة لإخبار النَّبيِّ ﷺ عن أقوام يرتدّون على أدبارهم بعد موته، وهم الأعراب المنافقون الّذين ارتدّوا في عهد أبي بكر ﵁، ويدلّك على ذلك ما وقع في رواية البخاري " فيُقال إنّ هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أدبارهم منذ فارقتهم " ويدلّك قوله تعالى: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (١٠١)﴾ [التّوبة].
وأصحاب النَّبيِّ ﷺ غير معنيين بالحديث أو الآية، ولعمري إنّهم خيرٌ من مِلْءِ الأرض من هؤلاء الّذين يذكرونهم بسوء، فيغدون في سخط الله ويروحون في نقمته!
والصّحابة ﵃ أَحبُّ إلى كلّ مؤمن من نفسه وآله وماله! ولا أدري