قال: أوما علمْتِ ما شارطتُ عليه ربّي، قلتُ: اللهمّ إنّما أنا بشرٌ فأيّ المسلمين لعَنْتُه أو سببتُه فاجْعَله له زكاة وأجرًا " (^١).
والحديث فيه تقييد المدعوّ عليه أن يكون مسلمًا، وإلاّ فقد دعا ﷺ على الكفّار والمنافقين ولم يكن دعاؤه لهم زكاة وأجرًا.
وقد أخرجه مسلم من حديث أنس بن مالك وفيه تقييد آخر بأن يكون من دعا عليه بدعوة ليس لها بأهل، قال ﷺ: " فأيّما أحد دعوتُ عليه من أمّتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهُورًا وزكاةً وقُرْبَة يُقرِّبُه بها منه يومَ القيامة " (^٢).
فإن قيل: كيف يدعو ﷺ على من لا يستحِقُّ الدُّعاءَ عليه أو يسبُّه ونحو ذلك؟! فالجواب أنّ للعلماء أقوالًا ملخّصها: أنّ المراد بقوله ﷺ: " ليس لها بأهل " أي عند الله في باطن الأمر، ولكنّه في الظّاهر مستوجب للدّعاء عليه، فالنَّبيُّ ﷺ يحكم بالظّاهر والله يتولّى السّرائر.
وقيل: كان ﷺ لا يغضب لنفسه وإنّما يغضب لله، فيحمله غضبه على التّعجيل في معاقبة مخالفه أو الدُّعاءِ عليه، ويؤيّد ذلك قول عائشة ﵂: " والله ما انتقم لنفسه في شيء يؤتى إليه قطُّ حتّى تُنْتَهَكَ حرماتُ الله، فينتقم لله " (^٣)، وعلى ذلك فقوله ﷺ: " ليس لها بأهل " من جهة تَعَيُّن التّعجيل، وترك الصّفح عنه.
وقيل: المراد زَجْرُ المدعوّ عليه والمبالغة في رَدْعِه ونهيه واستعظام أمره، وأنّه ﷺ بشر فيكون هذا ببَاعِثِ البشريّة، وقد صرّح عن ذلك في غير حديث، وهو موافق ومبيّن لقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ... (١١٠)﴾ [الكهف].
وقيل: جرى على لسانه ﷺ بلا قصد، أي ليس المراد الدّعاء عينه، بل هو دعاء في