فهي مرحلة الدكتاتورية المطلقة في موسكو.
ولقد كانت مرحلة الصبا في حياة ستالين هي مرحلة دولة في دور الغليان.
وكان قد حدث في عام 1825، وفي شهر ديسمبر على وجه التحديد، أن ثار جماعة من الضباط الأحرار من المتمسكين بالمثل العليا ضد القيصر نيقولا الأول، ولكنهم أخفقوا في ثورتهم ولم ينجحوا في قلب الحكومة، وإنما نجحوا في إيقاظ روسيا، وحركوا روح الأمل في إنقاذ هذه البلاد من ظلام العصور الوسطى الذي كانت لا تزال تعيش فيه تحت حكم القياصرة المتعسفين الظالمين.
ولذلك فإنه عندما تحركت فكرة الاشتراكية الماركسية وبدأت تنتشر في أوروبا وجدت لها عددا كبيرا من المتطوعين في روسيا. وفي عام 1898 نظم الماركسيون الشبان حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي، وبعد عامين أخذوا في إصدار جريدة سرية في ألمانيا أطلقوا عليها اسم إيسكرا (أي: الشرارة)، وكان من بين محرري هذه الجريدة فلاديمير إيليانوف لينين، وكان والده مدرسا.
وحدث في لندن عام 1903 أن انقسم الحزب على نفسه، فأطلق لينين على من بقي معه اسم البولشفيك (ومعناها الأغلبية)، كما أطلقوا على المنشقين اسم المنشفيك (أي: الأقلية.) ويمكن لمن يتتبع هذا الانقسام أن يجده حتى اليوم ماثلا في تلك الفروق التي تفصل ما بين الشيوعية الروسية والاشتراكية الغربية. (7) مرحلة الصبا (1898-1905)
وقد رأينا أن ستالين لا يريد أن يعتبر نفسه لا من رجال النظريات ولا من رجال العلم، إن ما يهمه هو الجهد «العملي»، وقد اعتنق الماركسية كما يعتنق المرء دينا جديدا، ولقد حدد غيره فلسفة هذا الدين الجديد، أما دوره هو فكان دور الجندي، دور المبشر المحجب في بادئ الأمر، ولكن المؤمن العنيد الذي لا يتراجع أمام أي عقبة من العقبات، وكان يستعين في نشر أفكاره بمكر الفلاحين.
والمعلومات قليلة عن ظروف حياته الأولى كمحترف للثورة بين عمال السكك الحديدية، وعمال مصانع التبغ، وعمال صناعة الأحذية، والوسائل التي كان يستعملها في التبشير بديانته الجديدة بلغة قريبة من لغتهم واشتراكية طائعة متساوية بين الجميع.
وكان البوليس يعترض طريقه أحيانا حتى ليجعل من العسير عليه أن يؤدي واجبه، ولكنه كان يحس أنه ملك للحزب وحده بكل ما تحمل هذه الجملة من معان، وكان يتوجه دون حذر ولا خور إلى أي مكان «يرميه» فيه الحزب على حد تعبيره هو.
وكان لينين قد كتب وقتئذ يقول:
يجب علينا أن نكون رجالا يخصصون للثورة لا أوقات فراغهم كل مساء فقط، بل كل حياتهم ...
Bog aan la aqoon