ولكن الواقع الذي يعرفه الجميع هو أن مالنكوف لم يشترك قط في ثورة لينين التي نشبت في عام 1917، أو في الحرب الأهلية التي تلتها.
وبدأ مالنكوف يتحدث عن السلام وإمكان توطيده في أنحاء العالم.
وحدث فجأة بعد أربعة أيام من موت ستالين أن أعلن انتهاء الحداد عليه، وقد أعلن انتهاء الحداد بعد سبع دقائق فقط من إغلاق ضريحه، وطلب من الناس أن ينظروا منذ الآن إلى الأمام لا إلى الخلف ... (29) ستالين يموت ... للمرة الثانية!
ليس عليك إلا أن تنزل بضع درجات فتجد نفسك فورا أمام خزانة كبيرة مصنوعة من الرخام الأخضر، وترى الخالدين، وتنظر إلى لينين النائم في تابوته البللوري، فتراه وقد أغلق عينيه، ووضع يده اليسرى على صدره، وترك يده اليمنى في استرخاء إلى جانب جسمه، ويستريح رأسه الكبير على وسادة من المخمل الأحمر، وقد بدت على وجهه ابتسامة، إنه ينام هناك منذ عام 1924.
وعلى بعد خطوتين منه وفي تابوت آخر يماثل الأول تماما، وفي ظلال نفس الضوء ينام ستالين وهو مرتد زيه العسكري، وقد حلي صدره بجميع الأوسمة التي أنعم بها عليه، ولا يزال على وجهه لون الحياة، ويدرك الناظر إليه في الحال أنه لم ينقض على نومه المدة التي انقضت على نوم الأول، وأنه ليس مستغرقا في نومه استغراق زميله وزعيمه ... وأنه، ربما لهذا السبب، لا يستحق أن يستمتع بالراحة الأبدية التي يستمتع بها لينين!
ويمر الزائرون بهما، كل اثنين معا في صمت وسكون ودهشة بعد أن انقضت عليهم الساعات وهم وقوف في الميدان الأحمر، في جو موسكو المثلج، انتظارا لدخول هذا الضريح، وهو البقعة الوحيدة المقدسة في العالم الشيوعي؛ إن الزائرين اليوم أشد حاجة منهم في أي يوم آخر لمشاهدة المعبودين: لينين وستالين، وإلى لمس التابوتين البللورين.
وعلى بعد ثلاثمائة متر من ضريح لينين وستالين، ووراء الأسوار العالية التي تضم الكرملين، وفي صالة العرش القديمة التي كانت تتجلى فيها عظمة وقوة القياصرة في الماضي، يجتمع المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي،
23
ولأول مرة في التاريخ ينبذ هذا المؤتمر وأعضاؤه ذلك الزعيم الذي طالما أطلقوا عليه في الماضي اسم: صقر السلام، ووالد الشعوب، والحكيم، والذي لا يقهر، ويعكس المؤتمر وأعضاؤه الدور الذي قام به كل من الاثنين اللذين رأينا مومياء كل منهما في كل تابوت من الاثنين.
إن شبح لينين ينمو ويكبر، ولأول مرة منذ 5 مارس من عام 1953، وهو يوم أعلن لأول مرة خبر وفاة ستالين بدأ خلفاؤه وورثته ينكرون جهوده وفضله؛ لقد بدءوا يستنكرون دكتاتوريته، ويفضحون أخطاءه، ويعترفون أن الناس قد عاشوا خلال ثلاثين عاما في خضم من الأكاذيب، وأعلنوا أن الوقت قد حان لإنكار تقديس الفرد.
Bog aan la aqoon