149

2

ومع ذلك فمن المؤكد أن محاولة التقريب بين اسپينوزا وبين ديكارت تعد أمرا مشروعا بالقياس إلى المحاولات الأخرى التي تبذل للتقريب بين اسپينوزا وبين مذاهب فلسفية أو دينية أخرى لا توجد بينه وبينها أية صلة حقيقية. فبين اسپينوزا وديكارت يوجد على الأقل ذلك العالم الجديد الذي اكتشف منذ عصر النهضة الأوروبية، عالم «الطبيعة» الذي تغنى به الشعراء وتوغل فيه الفنانون دون خوف واكتشف بقاعه الملاحون المستكشفون وبحث في أسراره وقوانينه العلماء. ولكن ماذا نقول في تلك المحاولات التي تبذل للتقريب بين فلسفة اسپينوزا ومذهب كالأفلاطونية المحدثة مثلا؟ إنها ليست محاولات عابرة، بل هي تظهر لدى مجموعة من شراحه المتعمقين: منهم مثلا «پولوك

»،

3

ومنهم «بروشار

Brochard »، الذي يؤكد وجود قرائن قوية على تأثر اسپينوزا بأفلوطين لأنهما معا «يتفقان على تصور الله على أنه علة فاعلة، وقوة تستمد المعلولات الكثيرة من ذاتها وبقدرتها الخاصة، وبفعلها المستمر تحتفظ الأشياء بوجودها ... فمن الواضح أن فكرة القوة هي التي تخطر في أكثر الأحيان بذهنه في كل جوانب فلسفته.»

4

بل ويذهب إلى حد القول: «إن النفوس [عند اسپينوزا] تشارك في الذهن الإلهي، وتوجد فيه بالفعل، لا من حيث هي تكون النفس البشرية بوجه عام، وإنما من حيث هي نفوس فردية تعبر عن ماهية جسم معين. ومثل هذه النظرية موجودة لدى أفلوطين.»

5

ويتحدث «موريس كوهن» عن «التراث الأفلاطوني المحدث العظيم الذي تشبع به ذهن اسپينوزا.»

Bog aan la aqoon