Siyar Malahim Shaacbiyya Wa Carabiyya
السير والملاحم الشعبية العربية
Noocyada
41
ونفذ كليب بن مرة كل هذا باتفاق الجليلة وقبيلتها وأبيها، بالطبع، بما يعني استعدادهم - المتآمر - لاغتيال وقتال التبع، على المستوى القومي، في كل من سوريا ولبنان والأردن وفلسطين. «وهكذا أعطى الكاهن نعمان، أو عمران، سيفا خشبيا لكليب، وتقلد هو بسيفه الفعلي تحت ملابسه، وأرخى له سوالف طوالا من أذناب الكبش والبغال، وركب قطعة قصب، وحمل دبوسا من خشب، ولبس فروا من جلود الثعالب والذئاب، ومضى يقود زمام قافلة الجليلة أمام فرسان القبيلة، وعندما تساءل وزير الملك حسان، المسمى نبهان عنه، أجابوه بأنه مهرج الجليلة بنت مرة، واسمه قشمر بن غره.»
وهكذا تنكر الأمير «كليب» الذي يشير اسمه، وكذا موطنه، إلى أنه كان كلبيا؛ أي منتم - طوطميا - إلى قبائل كالب، ونجح بمساعدة الجليلة في اغتيال التبع الغازي وأصبح بدوره التبع الجديد، وتسمى بكليب «ملك العرب والعجم».
وباغتيال الملك حسان، ليلة عرسه داخل مخدعه، تكون قد انقضت الحلقة التمهيدية، لملحمتنا، والتي هي في موقع ملحمة أو سيرة مستقلة، نلحقها هنا في نهايتها، مجسدة في مصرع الملك التبع المتجبر، مختطف الزوجة أو الخطيبة، والحمى أو الوطن؛ حسان اليماني، بما يوحده من جانب بجو أو مناخ شبيه بالإلياذة الهومرية واغتصاب باريس الطروادي هيلانة الإغريقية زوجة منيلاوس، كذلك يتوحد بأجاممنون عقب عودته منتصرا من حرب طروادة لتتلقاه زوجته كليتمنستر، وعشيقها إيجست، بغزوة أخرى داخل مخدعه، ويصرعاه داخل حمامه، عبر احتفالات العرس الدامي، بعودة ملك الملوك الفاتح المنتصر.
كما أن الأمر لا يبعد بنا كثيرا عن محصلة الأساطير الفلسطينية والعبرية للإله - الشمس - شمشون الذي خدعته دليلة الفلسطينية، داخل مخدعها ليلة عرسه بمساعدة شيوخ قبيلتها، وعرفت سره وصرعته.
والاشتقاق اللغوي بين اسم دليلة وجليلة أو الجليلة، قد يسهم في الإيضاح، بالإضافة طبعا للتوحد المكاني؛ حيث إن كلتيهما عربية فلسطينية.
بل إن الملك التبع حسان، يمكن توحده، مع فرعون إبراهيم مختطف سارة زوجته «وابنة عمه وأخته في الرضاعة»،
42
حين دخل الخليل إبراهيم مصر ووشي بحسن سارة امرأته إلى فرعون، فسأل إبراهيم عنها، فقال: هي أختي من أبي لا من أمي، ولم يكذب في قوله، فاختارها فرعون لنفسه مختليا، حتى حقق أنها زوجته، فاستبشع كبيرة الكبائر هذه، اختطاف الزوجة، التي أدانها العالم القديم. وردها إليه مع هدايا كثيرة، من جملتها هاجر المصرية جارية سارة، التي من رحمها جاء إسماعيل، وابنه قيدار أبو العرب .
ويبدو أن رذيلة خطف الزوجة واغتصابها «كالأرض أو الوطن» كانت كبيرة الكبائر فيما أدانها العالم القديم، فكانت السبب الرئيسي لحرب طروادة التي استمرت عشر سنوات متصلة، حين أقدم باريس الطروادي على اختطاف هلينا زوجة البطل الإغريقي منيلاوس - كما ذكرنا منذ سطور.
Bog aan la aqoon