66

لم يرد عليهما الأولاد، ولكن بعد فترة من الزمن جاءوا بالقارب ليجدوا كارول وإيفا تهرولان إليهم وتسألانهم: «هل تسرب إليه الماء؟» «كلا، لم يتسرب إليه الماء حتى الآن.»

فصرخت كارول: «لقد نسينا علبة نزح الماء.» إلا أنها قفزت في القارب مع إيفا، ودفعهما فرانك، صائحا: «مرحبا بكما في القبر المائي!»

مشكلة الركوب في قارب ليست أنه يتمايل بقوة، مثل جذوع الأشجار، ولكن مشكلته أنه مقعر، ومن ثم فإن ركوبه لا يعني أنك فوق شيء في الماء، بل يعني أنك في الماء نفسه. سرعان ما تناوبوا ركوب القارب في أدوار مختلفة: صبيان وفتاة، فتاتان وصبي، فتاة وصبي، حتى اختلط عليهم الأمر وبات من المستحيل معرفة من عليه الدور ليركب. وعلى أي حال لم يلق أحد بالا لتلك المسألة. دخلوا في أعماق النهر فيما أخذ هؤلاء الذين لم يركبوا يركضون على طول الضفة حتى لا يبعدوا عنهم. مروا تحت جسرين أحدهما حديدي والآخر أسمنتي. ذات مرة رأوا سمكة شبوط كبيرة مسترخية - بدت وكأنها تبتسم لهم - في المياه التي ينعكس عليها ظل الجسر. لم يعرفوا كم أبحروا في النهر، ولكن التضاريس تغيرت؛ إذ أمست المياه أكثر ضحالة، فيما أخذ القاع شكلا مسطحا. وعبر حقل خال رأوا مبنى بدا وكأنه منزل مهجور. فما كان منهم إلا أن سحبوا القارب خارج الماء وربطوه على الضفة وانطلقوا عبر الحقل.

قال فرانك: «تلك هي المحطة القديمة، إنها محطة بيدر ستيشن.» كان الآخرون قد سمعوا بهذا الاسم من قبل ولكنه كان يعرفه؛ لأن والده كان وكيل المحطة في البلدة. وقال إن هذه المحطة كانت على خط فرعي تم إلغاؤه، وأنه كان يوجد مصنع لتقطيع ونشر الخشب هنا، ولكن منذ فترة بعيدة.

داخل المحطة كان الظلام الدامس يخيم على المكان والجو باردا، وكانت جميع النوافذ محطمة، وشظايا الزجاج المكسور متناثرة على هيئة قطع كبيرة إلى حد ما على الأرض. جالوا في أرجاء المحطة باحثين عن قطع الزجاج الكبيرة ليدوسوا عليها ويحطموها، كان الأمر مثل تكسير الجليد على البرك. كانت بعض الحواجز لا تزال في مكانها، حتى إنه يمكن للمرء رؤية مكان شباك التذاكر. كان هناك مقعد مقلوب على جانبه. كان الناس يأتون هنا، يبدو كما لو أنهم كانوا يأتون طوال الوقت، مع أن المحطة كانت بعيدة عن أي مكان. زجاجات البيرة والكولا متناثرة في الأرجاء، وكذلك علب السجائر والعلكة وأغلفة الحلوى ولفائف أرغفة الخبز. كانت الجدران مغطاة بكتابات جديدة وأخرى باهتة بأقلام الرصاص والطباشير ومنحوتة بالسكاكين:

أحب روني كولز.

أريد المضاجعة.

كيلروي كان هنا.

روني كولز أحمق تافه.

ماذا تفعل هنا؟

Bog aan la aqoon