يعلمون أن المال محمود من وجوه كثيرة، منها:
- إنه نعمة من الله ﷿ كسائر النعم، يجب شكرها، والواجب الانتداب إلى ذلك حسب القدرة والمكنة، وصار ذلك القشرُ محشوًا لُبًّا، بل صار القشر نفسه لبًا؛ لأن الجميع نعمٌ طالبة للعبد أن ينالها، فيشكر لله بها وعليها.
- إنه يستعان به على الطاعات، وهو ذريعة في بعض الأحايين إلى تحقيق بعض المأمورات والواجبات، كالمستعان به على أمر أخرويّ، ففي الحديث: «نِعْم المال الصالح للرجل الصالح» (١)، وفي الحديث الآخر: «ذهب أهل الدثور بالأجور والدرجات العلا والنعيم المقيم....»، إلى أن قال: «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» (١)، فجعل المال فضلًا من الله يمتنّ به على بعض عباده.
- إن ما ذكر من الحساب على المال، وأنه يؤخر الأغنياء من دخول الجنة، يقال عليه: إنه راجع إلى أمر خارج عن نفس المال، فإنه - مثلًا- من خلاله: يقع أكل كذا، وله مقدمات وشروط ولواحق لا بد من مراعاتها، فإذا رُوعيت صار ذلك وسيلة إلى العبادات والطاعات، وإن لم تُراع كان التسبب والتناول فيه قصورًا أو خلافًا على حسبه وبقدره.
• المال كغيره من الشهوات:
- وعلى الجملة؛ فالمال كغيره من الشهوات والملذات، له أحكام، وضوابط، وشروط، وموانع، ولواحق تراعى، والترك (٢) في هذا كله كالفعل، فكما أنه إذا تسبب للفعل كان تسببه مسؤولًا عنه، كذلك إذا تسبب إلى الترك كان مسؤولًا عنه.
_________
(١) سيأتي تخريجه في التعليق على رسالة المصنف.
(٢) إذ هو عند المحققين الأصوليين (فعل)، ولذا من عمل الصالحات من أجل الناس فهو المرائي، ومن تركها من أجلهم فقد أشرك، فكان الترك شرعه من أجلهم، على ما ذكر الفضيل بن عياض، فتأمل!
1 / 9