160

Sirka Fasaaxada

سر الفصاحة

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الطبعة الأولى ١٤٠٢هـ_١٩٨٢م

إذا لم تجد اللفظة واقعة موقعها ولا صائرة إلى مستقرها ولا حالة في مركزها بل وجدتها قلقة في مكانها نافرة من موضعها فلا تكرهها على القرار في غير موطنها فإنك إذا لم تتعاط قريض الشعر الموزون ولم تتكلف اختيار الكلام المنثور لم يعبك بترك ذلك أحد. وإذا أنت تكلفتهما ولم تكن حاذقًا فيهما عابك من أنت أقل عيبًا منه وأزرى عليك من أنت فوقه. وهذا كلام صحيح يجب أن يقتدي به في هذه الصناعة. وأما الفواصل التي في القرآن فإنهم سموها فواصل ولم يسموها أسجاعًا وفرقوا فقالوا: إن السجع هو الذي يقصد في نفسه ثم يحمل المعنى عليه والفواصل التي تتبع المعاني ولا تكون مقصودة في أنفسها وقال على بن عيسى الرماني: إن الفواصل بلاغة والسجع عيب وعلل ذلك بما ذكرناه من أن السجع تتبعه المعاني والفواصل تتبع المعاني وهذا غير صحيح والذي يجب أن يحرر في ذلك أن يقال: إن الأسجاع حروف متماثلة في مقاطع الفصول على ما ذكرناه والفواصل على ضربين ضرب يكون سجعًا وهو ما تماثلت حروفه في المقاطع وضرب لا يكون سجعًا وهو ما تقابلت حروفه في المقاطع ولم تتماثل ولا يخلو كل واحد من هذين القسمين أعني المتماثل والمتقارب من أن يكون يأتي طوعا سهلا وتابعا للمعاني وبالضد من ذلك حتى يكون متكلفًا يتبعه المعنى فإن كان من القسم الأول فهو المحمود الدال على الفصاحة وحسن البيان وإن كان من الثاني فهو مذموم مرفوض. فأما القرآن فلم يرد فيه إلا ما هو من القسم المحمود لعلوه في الفصاحة وقد وردت فواصله متماثلة ومتقاربة فمثال المتماثلة قوله تعالى: ﴿وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ﴾ ١ وقوله عز اسمه: ﴿طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى تَنْزِيلًا مِمَّنْ مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ ٢

١ سورة الطور ١-٢-٣. ٢ سورة طه الآيات ١-٥.

1 / 172