إذا صليت صبحك تقعد في ذكر الله تعالى إلى طلوع الشمس ثم تأمر أهل دارك ومن حولك بما تريده من حوائجك من مأكل ومشرب ثم تركب لتسمع أو يلقاك محجوب . أو تلبى مظلوما أو تطلع على الحوادث ثم تعود وأنت محفوف بالقعقعة والسلاح والتحرز من طمع الأعداء تم تقعد في دار عيد لك لكشف المظالم وسماع الرسل تترك الناس صفين يمينا وشمالا والوسط مفتوح لئلا يحجب عنك منظور وصاحب حاجة وتسأل عمن تنكره ولا تستخدم من لا تعرفه إلا بخبرة أو ضمان أو تسليم إلى عقيدة وليكن لك جماعة من أرباب العلم والعقل والتجارب في الرأي والمشورة ووزراء خير لا فسقة فمن ليس بأمين لنفسه فكيف على سواه ثم تنهض من مجلسك في الظهر وليكن للملك عين في الديوان لما يجرى فإذا دخل منزله بسط الطعام ومد الخوان للجند والأخوان وليكن كثير التعهد والتفقد وجبر القلوب المنكسرة وليكن على الطبيخ أمين ما أساء إليه فان القلع ثمرة الإساءة ثم يأخذ طعم الطبيخ طابخه ثم حامله ثم واضعه عند الملك يغمس اللقمة في جميعه فقد مات شيرباز بن ذار بنصف تفاحة قطعت وقد مات شاسان بنصف قدح شراب سلم شريكه مع عطبه . وقد سم النبي صلى الله عليه وسلم بذراع مشوي للسر في محبته له لقرب المشرع من المسعى . وقد سم أبو لؤلؤة السكينة التي قتل ابن الخطاب رضى الله تعالى عنه وسم عبد الرحمن بن ملجم سيفا ضرب به قمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه . وسمت حصار بنت خوجه بنت كعب الغساني زوجها الحسن بن على رضى الله عنهما وكان الأصل أنه شاء يوما حب عنب غير مغسول وكم مثل ذا في الدهر ما ليس يحصر وتحترز من السموم في طعامك وشرابك ولباسك ومنامك حتى منديل فراشك وليكن خارج العالم مجردا مسودا مداخلا في معرفة غوامض أحوالهم بالترسل والتجسس وكشف علوم من البلاد بجواسيس شارحة متنكرة مختلفة مثل فقير وصوفي وتاجر وطبيب وكتبة . وقد كان المأمون به أصحاب خير يستجلبون له أخبارا من الطرقية هكذا سنن الملوك .
Bogga 14