96

«هلم يا رسول الله (ص) إلى العدد والعدة والمنعة ، فيقول : خلوا سبيلها فإنها مأمورة» ، واستمرت الناقة تسير وتخترق أحياء المدينة يحدو بزمامها القضاء ، ويسوقها القدر إلى الموضع المقدس ، إلى حيث يشمخ مسجد رسول الله (ص) الآن ، وهناك حطت الناقة رحالها ، وضربت جرانها وأناخت ، عند دار بني مالك بن النجار ، في مربد(1) (موضع لجمع التمور) .

وبركت في ذلك الموضع المقدس ورسول الله (ص) راكب على ظهرها ، ولم ينزل .

وثبت الناقة وسارت غير بعيد ثم التفتت وعادت إلى الموضع ذاته ، فأمر رسول الله (ص ) أن يبنى المسجد (المسجد النبوي) في هذه البقعة المباركة التي شخصت وحددت بإرشاد وتوجيه رباني ، فبني المسجد ليكون أساسا ومنطلقا لبناء الدولة وإدارة شؤونها ، ومركزا للعبادة والتعليم وقراءة القرآن والالفة والاجتماع ، فكان لرسول الله (ص) ما أراد ، وأصبح هذا المسجد المقدس منطلقا للدعوة والجهاد والعلم ، ومقرا للعبادة والتعارف والتعاون .

(3)

وهكذا حدد موضع المسجد وشرع في بنائه من الطين واللبن والسعف وجذوع النخل ، وقد جسد المسلمون روح الاخوة والتعاون المثالي في بنائه وتأسيسه ، حيث اشترك الجميع والرسول الكريم معهم يساهم في البناء ونقل الطين والاحجار .

Bogga 4