85

بزوجك إن شئت ، قالت : ورد بنو عبد الاسد إلي عند ذلك ابني ، قالت : فارتحلت بعيري ، ثم أخذت ابني فوضعته في حجري، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة، قالت: وما معي أحد من خلق الله ، قالت : فقلت : أتبلغ بمن لقيت حتى أقدم على زوجي ، حتى إذا كنت بالتنعيم (1) لقيت عثمان بن طلحة بن أبي طلحة ، أخا بني عبد الدار ، فقال لي : إلى أين يا بنت أبي امية ؟ قالت : فقلت : أريد زوجي بالمدينة ، قال : أوما معك أحد ؟ قالت : فقلت : لا ، والله إلا الله وبني هذا ، قال : والله ما لك من مترك ، فأخذ بخطام البعير ، فانطلق معي يهوي بي ، فوالله ما صحبت رجلا من العرب قط ، أرى أنه كان أكرم منه ، كان إذا بلغ المنزل أناخ بي ، ثم استأخر عني ، حتى إذا نزلت استأخر ببعيري ، فحط عنه ، ثم قيده في الشجرة ، ثم تنحى عني إلى شجرة ، فاضطجع تحتها ، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه فرحله ، ثم استأخر عني ، وقال : اركبي ، فإذا ركبت واستويت على بعيري ، أتى فأخذ بخطامه ، فقاده ، حتى ينزل بي ، فلم يزل يصنع ذلك بي حتى أقدمني المدينة ، فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء ، قال : زوجك في هذه القرية وكان أبو سلمة بها نازلا فأدخليها على بركة الله ، ثم انصرف راجعا إلى مكة .

قال : فكانت تقول : والله ما أعلم أهل بيت في الاسلام أصابهم ما أصاب آل أبي سلمة ، وما رأيت صاحبا قط كان أكرم من عثمان بن طلحة » (2).

وهكذا يحدثنا التأريخ عن صورة من معاناة وكفاح الرواد من المهاجرين في سبيل الله والمؤمنين برسالة الاسلام .

Bogga 85