Taariikhdii Boqorradii Tabaacinada
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Noocyada
وكان أن سمع بخبرها ملك عظيم اسمه سعد اليماني وكان ملك بلاد السرو - أي الأردن - فركب إليها وبارزها، إلى أن اقتلعها من فوق سرجها فأقرت له بالغلبة، وتزوجها وأقام لها حفلا عظيما لمدة سبعة أيام.
بعدها عاد بها إلى بلاده، وظلت تحكم معه البلاد عشرة أعوام، إلى أن أصيب «سعد اليماني» بالعمى وفقدان البصر، فأصبحت هي الملكة، وكلمتها هي العليا في بلاد السرو وعبادة.
إلا أنها آثرت العودة بزوجها الضرير إلى بلادها خلال فترة تغيب أخيها التبع أسعد وحروبه في أقاصي الشرق، إلى أن وقعت الأحداث الأخيرة الدامية ، التي دفعت بها إلى التصدي للانتقام بنفسها، والعودة إلى ربوع بلاد الشام، التي سبق لها أن عاشت وحكمت فيها سنوات عشرا.
لذا فإن البسوس على دراية واعية دقيقة بمجريات الأمور بالشام وبلاد السرو وفلسطين، بما يسر لها سبل تحقيق أغراضها من أوسع الطرق وأقصرها للانتقام بشكل رهيب وبشع وبصورة أكيدة لا يخالجها أي شك.
فما إن حددت يوم رحيلها سرا، حتى ركبت هي وبعلها الأعمى وبيتها وبناتها وثمين ممتلكاتها وسارت إلى أن حطت رحالها في بيروت والبقاع بالقرب من «حلة بني مرة».
وعلى الفور أرسلت وفودها بغالي الهدايا للأمير «جساس بن مرة»، حتى إذا ما استحسن جساس رفيع هداياها إليه، طلب مقابلتها، فسعت إليه - البسوس - وأنشدته أبلغ أشعارها: «بدوام أيام الأمير جساس بن مرة، ورفع على ملوك قدرك ومكانك، ونصرك على حسادك وأعدائك.»
وما إن تعجب جساس من فصاحتها وسألها عن حالها حتى قالت: «أنا شاعرة أطوف القبائل والعشائر، أمدح السادات وذوي الجود والأكابر.»
هنا رحب جساس بها للعيش في دياره وحمايتها من كل معتد.
وهكذا بلغت البسوس مرادها، فمضت من فورها تنشر الفتنة بين «البكريين من آل مرة»، وحكامهم التغلبيين أو بني ربيعة وملكهم المتجبر كليب. - ذلك الذي حرم عليكم الماء والكلأ.
وعندما بلغت ذروتها في تحريض القبائل، ووصل الأمر إلى مسامع أميرهم جساس بن مرة، بعدما أوغرت صدره ضد التغلبيين وتعديها على قومه، طالب بضرورة الاجتماع بزوج أخته الجليلة - كليب - وإعلامه «بتعديات أقوامه وجورهم وجورها.»
Bog aan la aqoon