Taariikhdii Boqorradii Tabaacinada
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Noocyada
ورغم توجس الوزير الحكيم من الإقدام على تلك الحرب، وما تنطوي عليه مغامرتها، إلا أنه آثر - هذه المرة - التكتم الحذر على مشاعره ووجهة نظره حيال إصرار التبع وطموحاته التي لا تنتهي، خاصة وأنه ليس هناك من أسباب حقيقية تدفع إلى اندلاع مثل هذه الحرب - عبر البحار - التي عادة ما تحمل في طياتها الكثير من الأخطار التي لا طاقة لأحد على تحملها.
ولكم حاول الوزير المستشار التوسل بالعقلاء المقربين من الملك حسان لإثنائه عن غرضه، فلم يجرؤ أحد منهم على إعلان رأيه الصريح، مقدما مصلحة «حمير» على أطماع الملك التبع الشخصية وشهوته الجارفة للتسلط.
فحتى عندما أفضى الوزير حنظلة بدفائن مشاعره حول تلك الحملة - المغامرة - للبسوس، عمة التبع حسان، التي لها الكلمة العليا في مثل هذه الأحداث الجليلة من هجرة وحرب، آثرت الصمت بدلا من الاعتراض أو مجرد التروي وإعادة تدارس الأمر؛ قائلة: أصبح الأمر متأخرا جدا، بعدما عزم التبع على المسير، وبعدما جهز كل شيء.
غمغم الوزير متوجسا: على هذا النحو يجيء مصير حمير وأرواح رجالها وأقدارنا جميعا.
قالت: لعلك الأقدر من غيرك على معرفة معاندة التبع حسان وتصلبه.
عندئذ تنهد الوزير الأول: إذن ليكن ما يكون.
حتى إذا ما دقت طبول الحرب واعتلى الملك حسان اليماني سفينة المقدمة، مودعا الجماهير الغفيرة التي لا يحدها بصر، انطلقت السفن باتجاه ساحل الشام وفلسطين بغرض فرض الحصار البحري وإعلان الحرب على التغلبيين من بني ربيعة وبني مرة.
قال الراوي: وكان ربيعة - أي أمير بني ربيعة - في ذلك الزمان من كبار أمراء العربان، وكان أخوه «مرة» - انتسابا إلى بني مرة أو الموارنة - من الأمراء والأعيان. «وكانت منازلهم في أطراف بلاد الشام، وكانا - أي ربيعة ومرة - يحكمان قبيلتين من العرب هما بكر وتغلب، وقد ولد لربيعة خمسة أولاد مثل الأقمار، وهم: كليب الأسد الكرار، وسالم البطل الشهير الملقب بالزير، وعدي ودرعان وغيرهم من الشجعان.»
وأما أخوه الأمير «مرة» فله بدوره عدة أبناء شجعان، منهم: همام وسلطان وجساس، وبنت نبيلة جميلة يقال لها «الجليلة».
وعلى عادة ما هو متبع بالنسبة إلى التزاوج القبائلي - وبالتالي السياسي - المتبادل بين القبائل المتحالفة وأبناء العمومة، فقد تزوج الأمير همام بن مرة ب «الضباع» من بني تغلب.
Bog aan la aqoon