182

Taariikhdii Boqorradii Tabaacinada

سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا

Noocyada

فتبادره مواصلة تصميمها: أبدا لن أتخلى عنك هنا.

إلا أن المهام الجسيمة التي تطلبتها الحرب داخل بلاد الفرس، وفيما وراء نهر بلخ، دفعت بالملك سيف إلى التخلي عن شامة موكلا حراستها والسهر على راحتها لأقرب مستشاريه وحراسه.

وكانت كلما تشعبت معارك وحروب الملك التبع سيف بن ذي يزن ، تدهورت أكثر فأكثر حالة شامة الصحية والعقلية معا، مما كان يضاعف من أحزان الملك ومخاوفه عليها، وهو بعيد عنها منشغل بكامله في حروبه في بلاد الفرس التي كثيرا ما تبدت له عاتية لا أول لها ولا نهاية. - كمثل قدر أسود.

لذا رأى الملك أنه من الأسلم ترحيل شامة والعودة بها إلى ديار مصر، ما دام أن الفرقة بينه وبينها أصبحت واقعا ماثلا لا مهرب منه، إلى حد استحالة التخلي عن مهامه والعودة إلى زيارتها، ولو سرا وبشكل سريع خاطف.

حتى إذا ما شارفت جيوشه ذات مساء حدود أصفهان قرر تجميد حصاره والتسلل سرا إلى حيث توجد شامة - بالمدائن - فزارها ليلا، وهي في فراشها مريضة تلهج باسم ابنها ومصيره الغامض. - دمر ... ولدي ... قتلوه ... أعلم لا تخفوا عني شيئا ... ولدي!

وهكذا لم يجد الملك سيف مفرا من ضرورة ترحيلها والعودة بها إلى مصر للراحة والعلاج.

فرتب بنفسه رحلة عودتها - البحرية - إلى مصر مشددا على أقصى درجات الأمن المرافق لها؛ تخوفا من اختطافها وهي على تلك الحال من الإعياء والهذيان والمرض، حتى إذا ما تحرك ركبها ودعها الملك سيف متذكرا ما سبق أن أسدته تلك السيدة من بطولات أصبحت في عداد الخوارق، حفاظا عليه من كل كبوة وواقعة، مغامرة ومضحية بأبيها ومملكتها وكل طاقتها من أجله، زافرا وهو يودعها في أسى: حقا فمثلك نادر بين النساء يا شامة، تصحبك السلامة يا حبيبة القلب مدى الحياة.

وعاد متسائلا إلى جبهة قتاله الضاري على تخوم أسوار أصفهان: ترى متى نلتقي ثانية؟

وجدت أحداث مغايرة من جانب ابن ملك أصفهان - بهرام - بعدما تشدد الملك سيف في حصار بلاده، فأرسل إليه الأول طالبا الصلح والهدنة على ألا يعود عماله المعينون من قبله على أقاليم وكيانات بلاد الفرس إلى مهاجمة مصر مرة أخرى، ومهما تعددت الأسباب.

وطالت المراسلات والمفاوضات بين الملك سيف وابن الملك بهرام إلى أن تقبل الملك سيف شروط الهدنة، وعلى رأسها إطلاق سراح ابنه دمر الأسير.

Bog aan la aqoon