Taariikhdii Boqorradii Tabaacinada
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Noocyada
كان ملك الأحباش سيف أرعد، قد وصل به التوجس مما أصبح يحدث له في معاركه المستعرة مع قمرية إلى حد الجنون بعينه، فما يكاد يشتد ساعده وساعد أبنائه الكثيرين من زيجاته - السياسية - المتعددة داخل مختلف أقطار القارة السوداء، حتى يصبح على باب قوسين أو أدنى من وضع يده على أصل الداء، بتقويض - أحمرا - وإعادة مليكتها أسيرته.
هنا تداهمه الأحداث الخطرة غير المتوقعة، حتى من داخل حدود بلاده ذاتها الحبشة وتخومها، التي لا يعرف لها مصدرا.
والغريب أنها أحداث قد تصل بخطورتها إلى حد إغراق عاصمته ذاتها «إثيوبيا» وتكشف لكل ذي عينين وبصيرة عن مدى تفوق أعدائه من داخل الحبشة ذاتها، وكيفية قدرتهم المتعاظمة على الإلمام والمعرفة بأسرار النيل ودقائق قنواته وشرايينه.
هنا لا يملك سوى الإسراع بالتراجع المشبع بالهلع والهوس، مما يحصل دون أدنى توقع مما يحدث من خلف ظهره، فيتزايد تساؤله وصراخه مما يسمع ويتسبب في إشاعة الرعب بين رجاله. - هكذا، إن للحرباء أكثر من جلد ولون ووجه.
وكان يقصد بالحرباء - طبعا - الملكة قمرية وابنها - الغامض - سيف.
وبالطبع لم يخطئ سيف أرعد في ذلك كثيرا، ذلك أنه كان لسيف بن ذي يزن أكثر من وجه وجلد ولون؛ إذ كان يملك قدرات متعددة، منها قدرته على تغيير مواقعه داخل حدود الحبشة ذاتها وما يجاورها من بلدان وأقوام بأسرع من هبوب رياح الخماسين الشيطانية.
كما أنه كان متملكا لقدرات إخفاء نفسه وتغيير لونه، والتخفي تحت مختلف الأشكال والهيئات والسحن والوجوه، مضافا إلى هذا قدرته على النطق باللهجات المختلفة، بل وتغيير إيقاعه بكامله متحركا مواصلا طوافه داخل مختلف الأقوام والقبائل الأفريقية، مبشرا بالأمن والعدل، أينما حل، هو وأتباعه الكثيرون الخارجون على سلطان سيف أرعد وبطشه وظلمه.
فزار مصر العليا والسودان مرارا، وزار الشمال الأفريقي، وزار موطنه ذاته في اليمن وجزيرة العرب، مواصلا تجميعه لقواته ومؤنه وقلاعه ومصادر قوته التي تمكنه من إحباط كل محاولات ملك الأحباش المتوعد بتقويض عاصمة التباعنة العرب داخل أفريقيا.
ومن هنا لم تسه عينه الساهرة لحظة واحدة عن - أحمرا - وما أصبحت تعانيه ملكتها من جهد مضن خارق للصمود في وجه سيف أرعد، وأطماعه الداعية إلى تقويض وإحراق وإغراق تلك العاصمة العربية، مهما كلف الثمن.
حتى إذا ما وضع ملك الأحباش خططه وزحفه بمساعدة وزيره سقرديون للوصول إلى أسوار أحمرا وتطويقها التف هو - وجيشه - من جانبه بتطويق عاصمة الأحباش إثيوبيا، لتصبح مجرد فريسة تعاني آخر أنفاسها عند قدميه.
Bog aan la aqoon