Taariikhdii Boqorradii Tabaacinada
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Noocyada
ذلك أن قمرية آثرت العودة مسرعة ما أمكنها إلى أحمرا، بهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه سواء بالنسبة إلى ملازمتها لزوجها ذو اليزن المريض، أو حفاظا على ما في أحشائها منه.
لذا جدت السير ما أمكنها بصحبة الوزير يثرب وكوكبة من أخلص الحراس مسرعين متلهفين عبر طريق العودة للاطمئنان على صحة التبع وما حدث له في غيبتهم خلال الأسابيع الأخيرة، التي استغرقتها هذه الحملة التأديبية، التي لم يكن هناك من مهرب من القيام بها.
ولكم ودت «قمرية» من أعماق قلبها مواصلة التقدم وملاحقة انتصارها لاقتحام بلاد الأحباش ذاتها وعاصمتها والتخلص من ذلك الطور الشرير - سيف أرعد - الذي لم تكن تحمل له يوما سوى الكره، ولكم ودت أيضا من قلبها أن تذيقه هو ذاته سمها الزعاف، بدلا من الملك ذو اليزن الذي أسرها أسرا لا فلات منه منذ لحظة لقائهما به.
كانت وهي لا تزال تقطع الطريق عائدة إلى أحمرا نهبا للعديد من الأحاسيس والهواجس العاصفة التي تعتمل دون هوادة في مخيلتها.
وكانت كلما بالغت أكثر في الإسراع، تضاعفت مخاوف الوزير «يثرب» على جنينها، فما من شيء سيضاعف من مرض وآلام التبع ذو اليزن، سوى سماعه بفقدانها وليدها وهو يعاني على فراشه أقرب إلى المحتضر منه إلى المريض.
أما قمرية، فلم تكن على أقل وعي ودراية بذلك الانتصار الساحق الذي أحدثته على جيش الأحباش، لتأمين حدود عاصمة التباعنة، ودرء كل الأخطار عن الملك المسجى الذي صرعه ذلك الداء العضال الذي ألم به وهو لم يتخط بعد مرحلة شبابه ونضوج عطائه. - ذلك الطحلب المتسلق الشرير، أرعد.
تساءلت وهي مشرفة على تخوم «أحمرا»: الغريب أن ذو اليزن لم يتحرك حتى لمجرد الانتقام منها عقب اكتشافه لمؤامرة اغتياله، حين اتخذ منها - سيف أرعد - مجرد أداة ومخلب نمر لتنفيذ أطماعه وأحقاده السوداء.
بصقت معاينه وهي تطلق العنان لحصانها الشهباء. - لا مكان يقف فيه ذلك الأرعد الخسيس، سوى العتمة والتآمر.
مضت تتوعده: لكن سيجيء يومه القريب، إن لم يكن من ذو اليزن، فمني أنا، أجل يا أرعد سيجيء يومك.
مضت رغم معاناتها الثقيلة، تقطع الروابي والسهول والجبال، عابرة الأنهار، مقتحمة أعتى الغابات التي لم تطرقها قبل قدم، لاختصار طريق العودة إلى حيث الملك المريض مطلقة من جانب آخر العنان لأفكارها وأمانيها في كسر شوكة سيف أرعد المشهرة على الدوام ضد العرب والعجم على السواء.
Bog aan la aqoon