Sirat Ibn Hisham, Ed. Taha Abdul Raouf Saad
سيرة ابن هشام ت طه عبد الرؤوف سعد
Baare
طه عبد الرءوف سعد
Daabacaha
شركة الطباعة الفنية المتحدة
Noocyada
-فِيمَا يزعمُون- يُضرَبُ فِيهِ الْيَاقُوتُ وَاللُّؤْلُؤُ وَالزَّبَرْجَدُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، مُعَلَّقًا بِسَلْسَلَةِ مِنْ ذَهَبٍ فِي رَأْسِ طَاقَةٍ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ، وَكَانَتْ عنقُه لَا تَحْمِلُ تاجَه، إنَّمَا يُستَر بِالثِّيَابِ حَتَّى يَجْلِسَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ يُدْخِل رأسَه فِي تاجِه، فَإِذَا اسْتَوَى فِي مَجْلِسِهِ كُشفت عَنْهُ الثيابُ، فَلَا يَرَاهُ رَجُلٌ لَمْ يَرَهُ قبلَ ذَلِكَ، إلَّا بَرَكَ هَيبة لَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ سَيْفُ بْنُ ذِي يَزَنَ بَرَكَ.
معاونة كسرى لسيف: قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبيدة: أَنَّ سَيْفًا لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَقَالَ الْمَلِكُ: إنَّ هَذَا الأحمقُ يَدْخُلُ عليَّ مِنْ هَذَا الْبَابِ الطَّوِيلِ، ثُمَّ يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ؟! فَقِيلَ ذَلِكَ لِسَيْفِ، فَقَالَ: إنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا لهمِّي، لِأَنَّهُ يضيقُ عَنْهُ كلُّ شَيْءٍ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، غَلَبَتْنا عَلَى بلادِنا الأغربةُ. فَقَالَ لَهُ كِسْرَى: أَيُّ الْأَغْرِبَةِ: الْحَبَشَةُ أَمْ السِّنْدُ؟ فَقَالَ: بَلْ الْحَبَشَةُ، فَجِئْتُكَ لِتَنْصُرَنِي، وَيَكُونُ مُلك بِلَادِي لَكَ، قَالَ: بَعُدَتْ بلادُك مَعَ قِلَّةِ خيرِها، فَلَمْ أَكُنْ لأورِّط جَيْشًا مِنْ فَارِسَ بِأَرْضِ الْعَرَبِ، لَا حَاجَةَ لِي بِذَلِكَ، ثُمَّ أَجَازَهُ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَافٍ، وَكَسَاهُ كُسْوَةً حَسَنَةً، فَلَمَّا قَبَضَ ذَلِكَ مِنْهُ سَيْفٌ خَرَجَ؛ فَجَعَلَ يَنْثُرُ ذَلِكَ الوَرِقَ لِلنَّاسِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْمَلِكَ، فَقَالَ: إنَّ لِهَذَا لَشَأْنًا، ثُمَّ بَعَثَ إلَيْهِ، فَقَالَ: عَمَدْتَ إلى حباء الملك ثَنثُره للناسِ، فَقَالَ: وَمَا أصنعُ بِهَذَا؟ مَا جبالُ أَرْضِي الَّتِي جئتُ مِنْهَا إلَّا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ -يرغِّبه فِيهَا- فَجَمَعَ كِسْرَى مَرَازِبته١، فَقَالَ لَهُمْ: مَاذَا تَرَوْن فِي أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ، وَمَا جَاءَ لَهُ؟ فَقَالَ قَائِلٌ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إنَّ فِي سُجُونِكَ رِجَالًا قَدْ حبستَهم لِلْقَتْلِ، فَلَوْ أَنَّكَ بَعَثْتَهُمْ مَعَهُ، فَإِنْ يُهْلَكوا كَانَ ذَلِكَ الَّذِي أَرَدْتَ بِهِمْ، وَإِنْ ظَفِرُوا كَانَ مُلكًا ازدَدْته، فَبَعَثَ مَعَهُ كِسْرَى مَنْ كَانَ فِي سجونه، وكانوا ثمانمائةَ رجلٍ.
انتصار سيف: وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ وَهْرِز، وَكَانَ ذَا سِنّ فِيهِمْ، وَأَفْضَلَهُمْ حَسَبًا وَبَيْتًا، فَخَرَجُوا فِي ثمانِ سَفَائِنَ، فَغَرِقَتْ سَفِينَتَانِ، وَوَصَلَ إلَى سَاحِلِ عَدَنَ ستُّ سَفَائِنَ٢، فَجَمَعَ سَيْفٌ إلَى وَهْرِز مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْ قَوْمِهِ، وَقَالَ لَهُ: رِجْلي مَعَ رِجْلك حَتَّى نَمُوتَ جَمِيعًا، أَوْ نَظْفَرَ جَمِيعًا. قَالَ لَهُ وَهْرِز: أنصفتَ. وَخَرَجَ إلَيْهِ مَسْرُوقُ بْنُ أَبْرَهَةَ مَلِكُ الْيَمَنِ، وَجَمَعَ إلَيْهِ جُنْدَهُ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ وَهْرِز ابْنًا لَهُ؟ لِيُقَاتِلَهُمْ، فَيَخْتَبِرَ قِتَالَهُمْ، فقُتل ابنُ وَهْرِز، فَزَادَهُ ذلك
_________
١ مرازبته: وزراؤه.
٢ وذكر ابن قتيبة أنهم كانوا سبعة آلاف وخمسمائة، وانضافت إليهم قبائل من العرب.
1 / 56