اضطروه إِلَى بطن غَار اخْتَبَأَ فِيهِ وَأخذ حَبل الذِّمَّة من الأملاء فَلَمَّا أَمر بالعزم وَحمل على الْجِهَاد انبسط لأمر الله وَمضى على الَّذِي أَمر بِهِ من تَبْلِيغ الرسَالَة وَإِظْهَار الْحق ومجاهدة الْعَدو فَقَبضهُ الله على سنته ﷺ
ثمَّ قَامَ من بعده أَبُو بكر فارتدت عَلَيْهِ الْعَرَب أَو من ارْتَدَّ مِنْهُم وعرضوا على أَن يقيموا الصَّلَاة وَلَا يؤتوا الزَّكَاة فَأبى أَن يقبل مِنْهُم إِلَّا مَا كَانَ رَسُول الله ﷺ يقبل مِنْهُم فِي حَيَاته فَانْتزع السيوف من أغمادها وأوقد النيرَان فِي شعلها وَركب بِحَق الله أكتاف أهل الْبَاطِل فَمَا برح يخرق أعراضهم ويسقي الأَرْض من دِمَائِهِمْ حَتَّى أدخلهم فِي الْبَاب الَّذِي خَرجُوا مِنْهُ فَلَمَّا أَبْطَأَ الْأَمر على أبي بكر ﵁ وَقد كَانَ نَالَ من فيئهم شَيْئا وَهِي لقوح يرتضح من لَبنهَا وَبكر يرتوي عَلَيْهِ وحبشية أرضعت ابْنه فَلَمَّا حضرت وَفَاته رأى أَن الَّذِي نَالَ من ذَلِك فِي حَيَاته غُصَّة فِي حلقه وَثقل على كَاهِله فأداه إِلَى ابْن الْخطاب ﵁ فَقَبضهُ الله على سنة صَاحبه
ثمَّ قَامَ من بعده عمر بن الْخطاب ﵁ فمصر الْأَمْصَار وخلط الشدَّة باللين وحسر عَن ذِرَاعَيْهِ وشمر عَن سَاقيه وَأعد للأمور أقرنها فَأَصَابَهُ قين للْمُغِيرَة بن شُعْبَة يُقَال لَهُ فَيْرُوز يكنى بِأبي لؤلؤة فَأمر ابْن عَبَّاس يُنَادي فِي النَّاس فَقَالَ هَل تعلمُونَ قاتلي فَقَالُوا قَتلك أَبُو لؤلؤة غُلَام الْمُغيرَة بن شُعْبَة فَاسْتهلَّ عمر بِحَمْد الله أَن لَا يكون أَصَابَهُ ذُو حق فِي الْفَيْء إِنَّمَا اسْتحلَّ ذَلِك مِنْهُ لما أَخذ من