86

Sirat Abi Tayr

سيرة أبي طير

(فصل في بيعته)

قال السيد شرف الدين رضي الله عنه: قد ذكرنا تأريخ الدعوة والسبب الموجب للقيام إلى وقت الدعوة، فلما دعا إلى ماذكرنا أجاب من حضر دعوته وسمعوا كلمته وامتثلوا أمره، وأمرهم بالبيعة اقتداء بسلفه الطاهرين وآبائه الأكرمين؛ إذ كان طريق الإمامة عندهم ليس إلا الدعوة، وربما يقولون أن العقد والاختيار بدعة، فأول من بايعه الشيخ الكبير منصور بن محمد بن منصور الحميري، ثم الفقيه الزاهد المعلى بن عبدالله الضميمي ثم القيسي رحمة الله عليه، ثم أقارب الشيخ الكبير على مراتبهم وأولاده، ثم الشرفاء الأمراء الكرام الذين نهضوا معه من ذيبين، ثم من كان معهم من شيعتهم وأخدامهم، ثم أهل مدينة ثلاء، ثم أهل النواحي القريبة، ثم كتب الدعوة وأمر، وامتدت البيعة إلى الأقطار.

وهذه صورة بيعته يقول لمن بايعه: هذه ذمة الله ورسوله وعهد الله وميثاقه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله معنا، وموالاة ولينا ومعاداة عدونا، والنصيحه لنا في السر والعلانيه، فإذا قال الذي بايعه نعم قال: الله على ما نقول وكيل، أو كما كان يقول الشريف السيد شرف الدين رضي الله عنه: لقد رأيت قوما ممن يبايعه من أهل النخوة والسلطان عند أن يضع يده المباركة على أيديهم يرتعدون حتى نظن أن بهم علة من الرعد، وذلك من جلال هيبته صلوات الله عليه.

ولما سمع الناس بالدعوة انثالوا عليه من كل جانب، ولقد رأيت في تلك الأيام كتابا له إلى بعض أصحابه يحكي له ما رأى من تهادر الناس عليه وهو يقول متمثلا بقول أبيه على عليه السلام: ينثالون من كل جانب حتى لقد وطئ الحسنان وشق عطفاي.

Bogga 87