قال أمير المؤمنين: لقد عجبت من هؤلاء القوم يدعون لنا [48ب-أ] على المنابر ويحشدون لحربنا العساكر أو معنى ذلك، فنهض الأمير شمس الدين من حوث في عساكر كبيرة وعدة قوية واستنجد بابن عمه الأمير بدر الدين عبدالله بن الحسن بن حمزة من ثغر سناع، ووصلت كتب أكثر القبائل من الظاهر ورسلهم يعلمون الإمام أنا ما خرجنا إلا مكرهين ومدافعة عن نفوسنا وقلوبنا معك، فلقد بلغني أنهم كانوا يرمون المحطة التي هم فيها في الليل ويظهرون أنهم غزاة من جهة الإمام، فلما وصلوا إلى جهات بني شاور، وجعلوا محطتهم في موضع مشرف يسمى الحيرة وأمر أمير المؤمنين عليه السلام الأمير الكبير المجاهد أحمد بن محمد بن حاتم والأميرالكبير أحمد بن يحيى بن الحسن بن حمزة، فحط في الحصبات والهجر في مقابلة الأمير شمس الدين والحرب مستمر على حصن مدع، وأحاطت المراكز بالحصن، واشتد بهم الجهد، ثم لم يلبث الأمير بدر الدين عبدالله بن الحسن بن حمزة أن وصل من ثغر سناع في عسكر من بني شهاب وبني الراعي وغيرهم فوقع في خاطر الإمام عليه السلام من وصوله أنه ما وصل إلا عن مشورة وسر دقيق من بني عمه ولم يظهر ذلك، فقابله الإمام بالإجلال والتعظيم وشكر سعيه ولم يظهر عليه أمرا يكرهه، وكثرت الأحاديث من بعض من وصل معه أن باطنه مع أصحابه، فأستأذن أمير المؤمنين بالصدور إلى أصحابه إلى محطة الحيرة، فلما وصل إليهم ابتهجوا لوصوله وعظموا شأنه وتحدثوا بحديث ظاهر جميل للناس، فلما خلا بعضهم ببعض تحدثوا في شأنهم وأجمعوا رأيهم على إعمال المكيدة للإمام عليه السلام ومخادعته وتتبع أنظاره إن أمكنهم جهرا وإلا سرا، ثم رجع إلى الإمام عليه السلام وفي فلتات كلامه معنى الإرجاف على الإمام والإرهاب، ووصل الأمير الكبير جعفر بن أبي هاشم بن محمد بن الحسين بن حمزة في وجوه من قبائله ذيبان وغيرهم، فلما وصلوا إلى الإمام وقع حرب عظيم بين عسكرالإمام وأهل الحصن، فدخل أكثر من وصل من القبائل مع عسكر الإمام وحاربوا أهل الحصن فأثخنوهم بالجراحات ولم تبق قبيلة ممن وصل حتى عاهدوا أمير المؤمنين سرا وأنهم عند إقباله إلى البلاد أنهم قائمون معه وشكر الإمام صنائعهم وأعلمهم أنا لا نريد لبني عمنا إلا الخير ما نريد منهم إلا معاونتنا على إعزاز هذا الدين ونصر الإسلام والمسلمين، ونزيدهم مع بلادهم أضعافها فنحن نرجوا أن يفسح الله علينا وأن يفتح على أيدينا المدن العظيمة والحصون الشامخة.
وفي خلال ذلك وصلت قبائل قدم من المغرب من جيلان ولاعة وتلك النواحي، ووصل السلاطين آل محمد بن حسين من مسور، ووصل بني شاور المخلافة، ومن يصاقب بلادهم بمال كثيرا نذرا أو برا للإمام ومعونة في سبيل الله تعالى.
حدثني أمير المؤمنين أنه ما حط على مدع وعنده من المال إلا
اليسير القليل فما انقضى شهر حتى حصل له وعلى يديه مقدار ثلاثين ألفا أو يزيد قليلا أو ينقص [49أ-أ] أنفق ذلك في سبيل الله تعالى.
[قصة الصلح بين الإمام وبين الأمراء آل يحيى بن حمزة]
قصة الصلح بين الإمام عليه السلام وبين الأمراء الكبراء آل يحيى بن حمزة على يد الأمير شمس الدين وما جرى في خلال ذلك.
لما كثر الكلام والتكرار على أمير المؤمنين في الصلح انصرم الأمر بينهم على أشياء منها: الرجوع عن خلف السلطان، والقيام مع الإمام، وبذل الأموال والأنفس.
ومنها: أن يعدل حصن مدع في يد رجل ممن يثق به الكل، فجعل ذلك الأمير الأجل علي بن القاسم بن الحسين بن محمد بن الحسين بن حمزة الحمزي إلى مدة مضروبة، ثم يسلمه إلى يد الإمام عليه السلام.
ومنها: النهوض بين يدي أمير المؤمنين أي وقت استدعائهم للحرب على صنعاء، وفي أصناف الشروط أشياء غابت عن الخاطر عند التعليق.
Bogga 154