ذكر غزوة حلب
وقد ذكرنا سببها وهو ما طلبه قوم من العلماء لقطع شغب المتعنتين في معرفة ثبات قلبه، فأرادوا الاختبار له عليه السلام في موطن من مواطن الحرب، فلما أراد ذلك نهض عليه السلام بنفسه وأمر بالأهبة بالحرب للحرب، فاستعد المجاهدون، ونشرت الرايات، وسار المسلمون تحت لواء أمير المؤمنين، واجتمع ذلك اليوم خلق كثير من الناس، وقد كان أهل حلب متسشعرين لذلك، فجمعوا أحزابهم وتأهبوا للقتال، وكان أكثر من فيه من الباطنية الملاحدة، فلما ترائى العسكران عند حصن الشيخ الكبير منصور بن محمد المسمى حضور، وتقدم المجاهدون إلى مراكزهم في القتال، وترجل أمير المؤمنين المهدي عليه السلام عن فرسه لكون الموضع لا حيلة فيه للخيل، ثم أخذ سيفه ودرقته وصمد قلب العسكر -عسكر العدو- حتى بلغ حيث لم يبلغ الشجعان، ثم اشتد الحرب وكان أعداء الله فيهم رماة بالنشاب أهل بأس شديد، وكثرت الجراحات، ثم أن شاء الله سبحانه فانحطت بعزاليها في المأزق فتفوق الناس، فانجلت المعركة على خمسة أوستة من المجاهدين رحمهم الله وقل من سلم ممن باشر القتال من النشاب والحجارة، وقتل من أعداء الله جماعة فيما قيل، وانصرف أمير المؤمنين إلى قرية حضور، وأمر المجاهدين بالمساء في تلك القرية، ودفن الشهداء هنالك.
وتقدم عليه السلام إلى حصن ثلاء ميمونا ظافرا، وكانت هذه الغزوات كلها في شهر ربيع الأول سنة ست وأربعين وستمائة سنة.
Bogga 124