ومن أوراده المباركة الصيام، حبب إليه الصيام والقيام حتى لقي الله تعالى، وكان إذا سئل بالله ليفطر تكرمة لأخيه في الله أفطر، وتغيرت حالته وانكسر قلبه، وجدد الطهارة لكل صلاة، وقال: كل هذا من بطني، وسمعته يوما يقول: لو وجدت رخصة في أيام التشريق لصمت، قال له بعض إخوانه: أما أنا فإن الصوم يشق بي، [قال رضي الله عنه: وأنا الإفطار يشق بي] (1) سبحان الله أليس الذي أنت تأكله بالنهار تأكله (في الليل) (2) وتنال درجة الصائم الذي ليس له جزاء إلا الجنة كما في الخبر. كنت معه في سفره إلى خبان مذحج لزيارة إخوانه فسرنا إلى بلد يقال لها: دمت وبالقرب منه عينا حارة يقال لها: (بربرة) (3) وهي آية من آيات الله تعالى جبلا شاهقا على شكل القدر، فطلعنا إلى أعلاها، فأشرفنا عليها وهي تفور وتغلي وزوها يأخذ الوجه واستدارة الماء في رأس الجبل قدر المرحام قيل: إن الطير إذا مر عليها سقط فيها، وينبع في عروض هذا الجبل عيون كثيرة تفور وتغلي وإذا وضع الإنسان يده أو رجله رفعها سريعا من شدة حر الماء والزمنى والمرضى يقصدونها ويتحممون فيها، فوقفنا معه ثلاثة أيام نشاهد هذه الآية العظيمة ونغتسل فيها مرارا، فطلعنا إلى أسفل خبان، فأصابنا العطش، وربما خف علينا العشاء فقلنا تحت (الشجرة) (4) ففتح لنا بشيء من الخبز والماء البارد، فعولنا عليه كثيرا لأجل الحمى الذي اعترانا، فما ساعدنا بل قال: عرضت على نفسي ألوان الطبايخ هذه الساعة حتى الزبرناخ، وألوان الفواكه، وألوان الطعام والشراب، فما رغبت في شيء مرة واحدة فالحمد لله، وقصده والله أعلم يخفف علينا اشتغالنا بحاله.
Bogga 128