روى سعيد بن المسيب(1)، قال: دخلت على:علي بن الحسين(2) زين العابدين عليهم السلام عند طلوع الشمس، وهو قائم يصلي كأنه ساق شجرة، قد ثفنت(3)جبهته، وانخرم أنفه، فقلت له: ما هذا الإجتهاد لولم تخلق النار إلا لك ؟، فقال: ما يدري علي بن الحسين إلى جنة يصير أم إلى نار، ثم بكا ولم يزل ساجدا حتى زالت الشمس، وهو يقول: لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله إيمانا وصدقا، لا إله إلا الله تعبدا ورقا، فقال سعيد: أشهد يا علي بن الحسين، أنك ممن (يستشفع)(4) به إلى الله، ثم قال له علي بن الحسين: قد ذقت حلاوة الدنيا، وفتحت لي بهجتها، واستوي عندي رطبها ويابسها، وذهبها وفضتها، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا وإلى أهل الجنة كيف ينعمون (فيها) (1)، والى أهل النار كيف يعذبون، فأسهرت ليلي، وأظمأت نهاري، وقليل ما أنا فيه من حق ربي.
وهذا سعيد بن المسيب الراوي روي: أنه دخل الكعبة فأحرم فيها بركعتين، ختم فيها القرآن شكرا لدخوله بيت الله.
وروي: أن بعض من حضر مقام علي بن الحسين- عليهم السلام- ذكر خفض عيش الملوك، وتنعم أهل الدنيا بنعم الله تعالى، فقال:لا(تنظروا) (2) إلى خفض عيش الملوك ولين لباسهم، ولكن انظر إلى سرعة ظعنهم وشر منقلبهم، وأملى عليه هذه الابيات:
ملوك الأرض حكام الرعايا
أدمنا عيشنا بجريش ملح
شددنا وسطنا بحبال ليف
وإن لبسوا الشفوف معلمات
وإن سكنوا قصورا عاليات
غدا يتبين السادات منا ... ونحن عبيد خلاق البرايا
إذا أكلوا الثرايد والقلايا
إذا لبسوا الخوايص والحلايا
فخرنا بالمرقع والعبايا
سكنا في المساجد والزوايا
وينظر أينا أوفى عطايا
Bogga 34