الكرامة التاسعة والعشرون: أني رأيت في منامي في نصف شهر شوال سنة ست وثمانين أن حي سيدي (الفقيه الإمام) (1) إبراهيم (بن أحمد مسجى)(2)بيننا، وحضر قوم (على دفنه) (3) ليسوا من جنس بني آدم، فقال قائل منهم: فما يرون أمانا دون ما يرجون، ولا خوفا دون ما يحذرون، وقال قائل منهم: {يطاف عليهم بكأس من معين، بيضاء لذة للشاربين، لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون}[الصافات:45-47] آية الصافات إلى آخرها .
بس بس ومما نقل من كلامه ومن خط يده مما نحن بصدده، قال: الحمد لله الذي أسعدنا به عن غيره وبه عن ذكره، ولا يعرف هذا ويصفه إلا من ذاقه، ولا يجد لذة طعم العسل إلا من ذاقه، فمن لم يسلك الطريق فلا يكن منه نكير على أهل التحقيق، فهي منح من الملك الجبار يفيضها على من يشاء ويختار، فإن لله عبادا لهم معه أحوال إذا فارقتهم بقوا إليها يحنون، وعليها يئنون، لهم في أول الليل مكايدة، وفي آخر الليل مشاهدة، بعين قلوبهم لا بعين أبصارهم، فهم به والهون، وعن غيره غافلون، شغلهم به (عما)(4) سواه، فقطعهم عن الذكر والصلاة وعن الفكر والقراءة هؤلاء الأبطال لا أنت يا بطال، لم يشتغلوا بالقيل والقال، ولا في مجالسة الرجال، ولا في المراء والجدال، تم كلامه الرائق ورسمه الفائق، ولله القائل مما (نقلته)(5) بخطه:
وتذهب بالأشواق أرواحنا منا
وإن غبتم عنا ولو نفسا متنا
وإن جاءنا(منكم)(6) بشير اللقا عشنا
إذا نحن أيقاظا وفي النوم إن نمنا
إذا لم تذق معنا شراب الهوى دعنا
إذا ذكر الأحباب حن إلى المغنى
فيطرب أرباب العقول إذا غنى
تحركها الأشواق للعالم الأسنا] (7) فبالله ياخالي الحشا لا تعنفنا] (1)
Bogga 257