وكان أشد الناس مودة لآل محمد، وأكثرهم تعظيما لهم وتوقيرا، سمعته رحمه الله(1) يقول: إذا لم يكن في حلقة قراءتنا من أهل البيت أحد، اعتقدته (خداجا ونقصا) (2)، وكانت تمضي أحكامه على وفق مراد الله فمن حكم عليه فكأنه من الرضى بقوله وفعله حكم له والمحكوم عليه والمحكوم له معترفان بفضله شاهدان بعدله، وذلك ظاهر مشتهر، وناهيك بها من كرامة تروى وآية تتلى، وكانت الفتاوى (ترد) (3) عليه من اليمن الأعلى والأسفل، ومن تهامة ومن علماء الحنفية والشافعية، ومن عدن وجبلة، وتعز؛ لأنه رحمه الله تعالى(4) أحاط بفقه الفقهاء، ودرس فيه في زبيد وغيرها على علماء الحديث والفقه وما عرف بمجتهد بعد الإمام يحيى بن حمزة في الفقه إلا هو، فكانت الفتاوى تشغله وتهمه ويجوبها ليلا لازدحام الأوراد عليه في النهار ولو أفردت كتابا بسيطا فيما أعرف من علمه، وفضله، وزهده، وورعه، وخوفه، وخشوعه، وأوراده الصالحة، فضلا عن غيري لما أحطت باليسير من سيرته، لكن قد عرض ذكره ولي فيه غرض، وحقه علي واجب مفترض؛ لأني لم أبلغ التكليف إلا وأنا من جملة درسته، وممن تعلق بمودته وأشرب قلبي بحبه، فجزاه الله عني وعن كافة المسلمين أفضل الجزاء وبلغه من رضاه وعفوه أقصى المنى بمحمد(وآله) (5) المصطفى وآله أهل الشرف والوفاء.
وكانت وفاته قدس الله روحه ونور ضريحه، في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وقبره رحمه الله تعالى(6) قريب من باب اليمن بصنعاء اتخذ عليه الشيخ الصالح (أحسن) (7) بن محمد بن شليف مشهدا وتقرب إلى الله بذلك، ومشهده مقصود مزور، يتوسل إلى الله تعالى بقبره في نيل الأمنيات ودفع البليات.
Bogga 208