جاء إليه السيد الإمام الناصر أحمد بن محمد بن الناصر بن أحمد بن الحسين(1) عليهم السلام وكان عنده بالمنزلة العظمى فقال: يا مولانا، إن (ابنة) (2) الإمام يحيى بن حمزة أم يحيي بن المهدي قابلتني أقابلك تقابله يلبس الثياب لأني لم أجد تلك المدة شيئا من الثياب، فلبست شملة، فقال له: سبحان الله العظيم، مثلك ومثلها من يتكلم بذلك، من زهد في هذه الحرمة(3)التى افتضح الناس بأكلها يقوم في وجهه حتى أهله، وإنا لله (و) (4) إنا إليه راجعون، صدق الإمام المؤيد بالله(5) (ع) حيث يقول في كتابه (سياسة المريدين)(6) : من دخل في طريقنا هذه نسبه أهل الزمان إلى استيلاء السوداء عليه وتغير المزاج، حكى لي بكلامه هذا السيد رحمه الله تعالى ، فلما كان (بالغد) (1) دخلت عليه مع السيد أحمد رحمه الله تعالى فاستفتح الإمام كلامه بحمد الله، والصلاة على رسوله، وتبسم طويلا، وقال: يا ولدي، إن السيد شمس الدين ذكر أن والدتك الشريفة المطهرة قابلته تقابلنا نقابلك أن تسر قلبها، وتلبس الثياب، وتترك هذه الشملة، وقد ساعدناها وكلمناك، وإن كانت هذه الشملة عندي من مه ومن مه(2) في كل شيء، وكشف الشملة عن عنقي وقبله، بنفسي من شفيق فإني لأجد برد شفاته إلى وقتي هذا، وفاضت عيناه بالدموع، وقال: هذه منا قلة خير يا(سيد)(3) شمس الدين، إن لم ننفعه ونعينه فلا نضره، فكأنه وقع في قلبه أن السيد رحمه الله تعالى وقع في نفسه شيء من كلام الامام، فقال الامام عليه السلام: إنا كلنا ما فينا خير وأين خيرنا، من كزين العابدين، وكعبد الله بن الحسن أشر أحوالهم كانت عندهم هي أحسن أحوالنا اليوم، قال من قال: كيف يا مولانا ؟ قال: أشر أحوالهم عندهم النوم، وهي أحسن أحوالنا، تنسم الحفظة الكرام من كتب السيئات، ثم بكى وانتفض وتململ جبينه عليه السلام.
Bogga 162