لم ينظر إلا إلى حرف القافية في آخر الكلمة، فلم يراع ترتيب الكلمات، بل حشدها وساقها كما اتفق له، فذكر ما كان منتهيا بالهمزة في باب واحد دون أن يراعي الاعلال الصرفي، ودون أن يراعي الحرف الثاني والثالث، بل دون أن يراعي الحرف الاول، ولم يفطن إلى الترتيب الهجائي في ترتيب الكلمات، بل لا حاجة له إلى هذه الفطنة، لانه لا يؤلف معجما لغويا. فالبندنيجي يفتتح كتابه بباب الالف الممدودة، ويذكر أول كلمة في كتابه " الآباء " مع أن الهمزة الاخيرة منقلبة عن ياء، وهذا ما حمل الجوهري على أن يضعها في الياء، لان آخر حرف في الكلمة الياء، والفصل فصل الهمزة لان الكلمة مبدوءة بها. ولكن البندنيجي لم يكن عليما بالصرف، ولم يكن يقصد إلى تأليف معجم لغوي، وإنما أراد أن يؤلف في " التقفية " ليكون كتابه عونا للشعراء في كلمات القافية، ولهذا لم يكن في حسابه الاعلال الصرفي، بل كان كل همه صورة الكلمة، فذكر الآباء في باب الهمزة ولم يذكرها في موضعها الاصيل وهو باب الياء. ولم يكن البندنيجي آخذا نفسه بالترتيب المعجمي، بل يذكر الكلمات كما تتفق له دون أن ينظر إليه، فيقدم ما حقه التأخير، ويؤخر ما حقه التقديم. وأصدق شاهد الصفحتان الاخيرتان من الكتاب اللتان صورهما الجاسر ونشرهما، فقد جاءت فيهما هذه الكلمات على هذا الترتيب: الدالية، الناحية، البادية، الجابية الكراهية، الرفاهية، الرفاغية، المسائية، الهاوية، القارية، الجامية، النهاية، العناية، الراية، الولاية، السانية، الناجية، الحاوية. وهذا ليس ترتيبا معجميا، ولا يطلب من البندنيجي ذلك في كتاب التقفية، لانه لم يرد أن يؤلف معجما لغويا، وإنما أراد أن يؤلف كتابا في التقفية، والاسم والعمل يدلان على مراده. والترتيب المعجمي لتلك الكلمات بحسب صورتها الظاهرة هكذا: البادية، الجابية، الجامية، الحاوية، الدالية، الراية، الرفاغية، الرفاهية، السانية، المسائية (لانها من ساء) العناية، القارية، الكراهية، الناجية، الناحية، النهاية، الهاوية، الولاية. وهذا ترتيب غير صحيح في فن المعجمات، لانه اعتمد على الصورة الظاهرة للكلمة دون أن يرجع إلى أصولها. ومع أن البندنيجي ألف كتابه في التقفية فإن الكلمات التي ذكرها لا تصلح في قافية
1 / 4