تشغل مكانة خاصة لدى الباحثين. " ولعل طريقة الصحاح في ترتيب الكلمات على القوافي التي زعم الجوهري في مقدمته أنه مبتكرها، كانت من أهم أسباب ذلك الاحتفال وتلك الرعاية. " وقد ظل الكثير من الناس على هذا الظن معتقدين أن الجوهري مبتكر هذا النظام الفريد لا تصافه بالسهولة واليسر إذا قيس بنظام معجم (العين) المخرجي العسير على المتكلمين (١) . " ولقد آن أن نتبين أن لغويا آخر هو البندنيجي سبقه إلى ابتكار هذا النظام بمعجمه الذي نقدمه للنشر محققا " إلخ. وعجبت من كلام الدكتور العطية ودعاواه وقذفه إمام العربية الجوهري واستخفافه به، كما عجبت من عدم تفرقته بين " الصحاح " و" كتاب التقفيه " في التأسيس والمنهج والنظام، وبين الجوهري الامام الطلعة الرائد المبتكر، والبندنيجي الذي لم يفطن للعمل المعجمي. ومن غير اللائق بعالم محقق أن يقول " زعم الجوهري في مقدمته أنه مبتكرها " ولا يصح أن ينسب الزعم إلى الجوهري، فما كان زاعما فيما ادعى، وإنما كان على الصدق والحق فيما قال بمقدمة صحاحه. وذكر الدكتور العطية في تقديمه أن من بين تناولوا الصحاح بالدراسة من شرحه، وما علمت أن هنا لك شارحا للصحاح، فلعله يدلنا عليه. ولما كان الدكتور العطية فيما ذهب إليه من نفي الابتكار عن الجوهري وحكمه به للبندنيجي تابعا الجاسر فإن ردنا عليه يشمله، وها هو ذا الرد وليس النص المنشور، لاننا أضفنا إليه بعض ما جد لنا من رأي. نشر الجاسر في مجلته المسماة " العرب " (٢) مقالا بقلمه تحت عنوان " الجوهري ليس مبتكر منهج التقفية في المعجم العربي ". يقول الجاسر: " لقد سبق الجوهري إلى هذه الطريقة عالم مغمور عاش قبل الجوهري بما يقرب من مائة عام، وهذا العالم هو أبو بشر اليمان أبي اليمان البندنيجي ". ويقول: " إن البندنيجي هذا - على ما ذكره ياقوت - عاش فيما بين سنتي
_________
(١) ليس بصحيح قوله: " المخرجي العسير على المتكلمين " فما ثم عسر عليهم، وإنما العسر على الباحثين.
(٢) الجزء السابع، السنة الاولى، المحرم ١٣٨٧ هـ / نيسان ١٩٦٧.
1 / 18