فما يرونه إلا معنى من أنسهم قد زال، وركنا من قوتهم قد مال، وجانبا من نظامهم قد أفسده الاختلال! وما دام في الأرض باك على ميت ، فالأرض دار الغربة لكل من عليها، وهي لن تكون وطنا لمن سيفارقها إلا إذا عد بطن الأم وطنا لابنها.
من وطن الأشهر المعدودة ينحدر الإنسان إلى وطن السنين المعدودة؛ أما الأزل والخلود، والوطن الإنساني الكبير، فهناك هناك حيث لا تساوي كرة الأرض بما فيها أكثر مما تساويه ذرة من التراب تصعد أو تهبط.
وهذا الذي نكرهه عقلا من أمر الدنيا الذي نرانا مضطرين إلى أن نعقله كرها شئنا أو أبينا.
فابكي أيتها الأعين الإنسانية، وتهيئي للبكاء ما دمت باقية؛ إن تيار هذا البحر الذي تنصب فيه الأحزان لا يعب من دموعنا
9
التي نبكي بها المكابدة الموت، ولكن من دموعنا في منازعة البقاء. •••
لهفي لذكراه صديقا كانت لنفسه العالية كالنجمة وهبت قوة النزول إلى الأرض، وحبيبا لو انقسمت روحي في جسمين لكان جسمها الثاني.
كان دائما كالذي يشعر أنه لا بد ميت، وتارك ميراث مودته، فلا أعرف أني رأيت منه إلا أحسن ما فيه، وكأنما كان يضاعف حياتي بحياته، ويجعلني معه إنسانين.
وكان له دين غض كعهد الدين بأيام الوحي؛ لا تزال تحثه رقة قلب المؤمن، وفوقه رقة جناح الملك يخالط نوره القلوب.
وكان حييا صريح الحق، ترى صدق نيته في وجهه، كما يريك الحق صدق فكره في لسانه؛ ساميا في مروءته ليس لها أرض تسفل عندها،
Bog aan la aqoon