ودخل الحاجب فما هي إلا أن عاد. - تعالوا معي. - إلى الحاكم. - ستلقون الحاكم. - الآن أليس كذلك؟ - الآن نعم، اتبعوني. - يا أخا العرب، إنك دخلت إلى الحاكم من هذا الباب فما لك تقصد بنا إلى باب آخر؟ - إنه سيلقاكم في حجرة أخرى، اتبعوني.
وتبعوه. - ولكننا يا أخي لم نقل شيئا بعد حتى تقودنا إلى السجن. - وهل رأيتموني أدخلكم السجون وأقفل دونكم الأبواب. - فما مجيئنا إلى السجن؟ - إنه الطريق إلى الغرفة التي ينتظركم فيها الحاكم. - آه، وما هذا؟ - لا شيء. - رجل معلق من قدميه في الهواء ورأسه موضوعة في الماء ثم لا شيء. - عملية تنشيط للذاكرة. - أي ذاكرة؟ - الذاكرة التي تنسى أحيانا أن الحاكم لا بد أن يطاع. - فإن كسلت الذاكرة يموت؟ - إنه لن يموت. - الموت أهون، وهذا؟ - مثله. - ولكنه لا يعامل مثله. - وسيلة أخرى لتنشيط الذاكرة. - ولكن النار في قدميه. - إن الدماء إذا سخنت في الأقدام وصلت إلى الرأس حارة فتنشط الذاكرة. - وهذا؟ - مثله. - وهذا؟ - مثله. - مثله؟ - مثله. - أيطول بنا الطواف هنا؟ - إننا في الطريق إلى الحاكم، اتبعوني.
وتبعوه. - ما هذا أيها الحاجب لماذا تقيد أيدينا وراء ظهورنا؟ - لا تخافوا حين نخرج من هذه الغرفة سنفك أيديكم. - ولكن لماذا؟ - ستعرفون، حالا ستعرفون.
ودخلوا إلى حجرة كلها رفوف من الأرض إلى السقف، وكل الرفوف مليئة بالماس والياقوت والزبرجد والزمرد، أما الذهب فكان أكواما، وصاح كبير القوم: ألهذا قيدتم أيدينا؟ - إنها أوامر صادرة إلى حراس الغرفة. - إننا نحتج، أنحن لصوص؟ سنبلغ الحاكم هذه الإهانة التي ألحقتموها بنا. - إنها أوامر الحراس. - ولكنها إهانة فما نحن لصوص. - على كل حال لا تغضب فإنكم ستعودون من هذه الغرفة فإن كان الحاكم راضيا عنكم فإنكم ستمرون بهذه الحجرة وأيديكم مطلقة. - أهكذا؟ - على شرط. - ما الشرط؟ - ألا تسرفوا في أخذ الجواهر حتى تتبعج جيوبكم ويراكم الحراس. - شرط معقول.
خرجوا من الغرفة إلى بهو فأطلقت أيديهم وقال لهم الحاجب: انتظروني هنا أستأذن لكم على الحاجب.
وحين تركهم نظر أحدهم إلى كبيرهم. - ماذا أنت قائل؟ - ما تريدون أن أقول؟ - أتعرف ما نريد أن نقول؟ - كل المعرفة.
وحين دخلوا إلى الحاكم بدأ كبيرهم؟ - يا مولاي الحاكم لقد أرسلنا التجار والزراع لنشكر لك هذا القرار الحكيم العادل الذي تفضلت فأصدرته؛ فقد جعلتهم يشعرون أنهم يشاركون حقا في بناء بلدهم، ولو لم تصدر هذا القرار لأرسلونا إليكم لنرجوكم أن تصدروا هذا القرار. ولكن نفاذ بصيرتكم ونبل معدنكم وأصيل فطنتكم ورفيع فكركم ورائع تدبيركم كل هذا كان أسبق منا، وأنتم دائما بالفضل أسبق وبالخير أوثق وبالمجد أخلق.
وفي العودة مر أصحاب الكلمة في غرفة الجواهر والذهب وكانت أيديهم مطلقة. والمفاجأة التي كانت تنتظرهم أن هناك طريقا يفضي إلى خارج القصر دون أن يمر بالسجن، وقد دهشوا لذلك أي دهشة.
Bog aan la aqoon