131

Shuuciyada iyo Bani'aadannimada ee Shareecada Islaamka

الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام

Noocyada

ثم جاء الإسلام من جوف الجزيرة العربية ليعم بالدعوة أبناء آدم كافة، ومنهم أبناء إبراهيم بالجسد وأبناؤه بالروح، فلم يكن في نشأته ما يفسره إملاء السوابق الدينية، أو يفسره إملاء البيئة العربية، وجاء مع دعوته الإنسانية بآدابه الاجتماعية أو الفردية، التي يكابر المتعنت في تعنته ما استطاع المكابرة، ولا يستطيع أن يفسرها بممالأة الأغنياء والمحتكرين، أو بأنها خدر للنفس يروضها على الذل والاستكانة، أو يلهيها عن الدنيا بخيال الآخرة، فإن الفجوة الواسعة بين حقائق الإسلام، وهذه التفسيرات المادية تلوح للناظر من اللمحة الأولى، ولا تجشمه أن يتعمق إلى قرارها.

وكأنما قضي على الفلسفة المادية أن تبتلى بكل حجة من قبل الإسلام على أوفاها، فلا توسط بين حقيقة الإسلام وبين فروض الفلسفة المادية: دعوة عالمية من طرف تقابلها من الطرف الآخر تبعة فردية يستقل بها الإنسان في طويته، كأنه وحده عالم قائم بنفسه.

كل نفس بما كسبت رهينة ،

ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ،

لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ،

قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل .

إن هذه التبعة تكليف لا يدين به ضمير يتعاطى من الدين خدرا يذهله عما حوله وينسيه ما هو حق له وما هو واجب عليه، وحسب الإسلام عند الشيوعية أنه يفندها هذا التفنيد الصادع في جميع مقوماته ليستحق منها عداوة شديدة، تخصه بها الأديان العالمية التي يتبعها ملايين الخلق في الزمن الحاضر، إلا أنها - على هذا - كانت تعمه وسائر الأديان بعداوتها، ولا تميزه بعداوة خاصة، وهي في دور الدعوة وترويج النظريات، وظلت كذلك حتى دخلت في دور التطبيق، وحلت محل القيصرية الروسية في علاقاتها بالعالم الآسيوي داخل بلادها وعلى تخومها، فاستجد لها من أسباب العداء له سبب أقوى لديها من كل سبب؛ لأنها وجدت فيه نظاما اجتماعيا يتعرض لكل مشكلة من مشكلاتها، ولم تجد مثل هذا النظام لملة من الملل التي تعاملها، وتجتهد في نشر الدعاية بين أبنائها.

فالنظام الاجتماعي - أو السياسي - الذي أخذت به اليهودية قبل عشرين قرنا لا يسري اليوم على بقعة من الأرض، ولا يخشى منه على الدعاية الشيوعية في المستقبل، والمسيحية قد نشأت بين مزدحم الشرائع والنظم السياسية من جانب الهيكل وجانب الدولة، فتركت معترك السياسة، وقصرت دعوتها على الأخلاق والعبادات.

أما الإسلام فقد نشأ في بيئة يتركها للفوضى والاختلال إن لم يأخذها بنظام واف من نظم الحكم والتشريع، وقد أخذها بهذا النظام، وأودعه من دواعي التوفيق ما يلائم الزمن بعد الزمن والبيئة بعد البيئة، ولا يضيق فيه باب الاجتهاد كلما وجب الرجوع إليه في أحوال غير الأحوال التي نشأت فيها الدعوة الإسلامية. وجاء القرن العشرون ولم تفارقه مرونته التي تصلح للحياة العصرية ولا تستعصي مع الزمن على التجديد، ولا يخفى أن العهد بالأديان العالمية التي يتبعها الملايين أنها تملك هذه الحيوية لتعيش بها في الأجيال المتعاقبة، أو تفقدها، فتنحل وتزول ويخلو مكانها لدعوة من الدعوات كيفما كانت، أو تتخبط في مكانها بين الإنكار والشك والبوار، فكانت للإسلام هذه الحيوية التي أعيت خصومه في حرب الاستعمار وحرب الإلحاد والإنكار.

ومن أجل هذه الحيوية، جردوا له كل ما تجرده الدولة ذات المذهب على خصوم مذهبها، وشنوا عليه حملة شعواء من أشنع حملات القمع والاضطهاد، وحملة أخرى في مثل شناعتها من حملات التشويه والتشريد مع تكميم الأفواه عن المناقشة أو الدفاع.

Bog aan la aqoon