Shuuciyada iyo Bani'aadannimada ee Shareecada Islaamka
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Noocyada
والناس اليوم ينظرون إلى الطبقة الحاكمة في بلاد القياصرة الأقدمين، فيرون أنهم أفخر وآنق في ملابسهم وشاراتهم وركائبهم من زملائهم الذين ينوبون عن بلاد رأس المال في المؤتمرات العالمية، وما من أحد يلج بالمكابرة فيزعم أن جميع الطبقات في بلاد الشيوعية تتزين بهذه الأزياء وتتحلى بهذه الشارات، وما من أحد يلج بالمكابرة، فيزعم أن سلطان أصحاب الأموال قد كان على أقواه وأعتاه يزيد على سلطان ملوك الإنتاج اليوم في البلاد الشيوعية، بل ما من أحد يلج بالمكابرة حتى يزعم أنه داناه زمنا أو يدانيه. •••
وانطوت مائة سنة على ظهور النبوءات الأبدية، وانطوت أربعون سنة على تجربتها وتطبيقها والإصرار على إثباتها أو على تخريجها وتأويلها، فلم يثبت لها حظ من التحقيق العلمي إلا أن يكون خط المناقضة والمفارقة، ولم تستقم خطوطها العريضة كما رسمها صاحبها، وحتم على المستقبل كله غاية التحتيم أن يلتزمها، ولا ينحرف عنها قيد شعرة ذات الشمال ولا ذات اليمين، وهذه نتيجة المذهب في خطوطه العريضة التي كان ينبغي أن تثبت قبل غيرها؛ لأنها هي الناحية البارزة لجميع الأنظار من المؤمنين والمطلوبين للإيمان، فأما الخطوط الدقيقة والمعلومات البعيدة، فهي من التخاذل والتشعث وقبول الرأي ونقيضه في وقت واحد، بحيث لا تصلح للاستشهاد بها على مذهب واحد كائنا ما كان.
ولو كان «كارل ماركس» ممن يرعون أمانة العلم؛ لتهيب الهجوم على تلك المجازفات باسم الحقيقة العلمية؛ لأن العلم بعد ازدهاره في العصر الحاضر لم يصل إلى الحد الذي يخوله دعوى الإحاطة الشاملة بأسرار الكون، ودعوى القدرة على تطبيق تلك الأسرار الشاملة على تاريخ الإنسان في مجاهل المستقبل البعيد إلى آخر الزمان.
فأما في عصر «كارل ماركس» فالعلم الذي كان يحبو في خطواته الأولى أحرى أن يقف دون هذا الشوط البعيد وقفة الحذر والإحجام، وتلك الإحصاءات التي يجمعها «كارل ماركس» من هنا وهناك لم يكن منها إحصاء واحد متسلسل المصادر محقق المراجع على النحو الذي يسمح بالمقارنة الصادقة، ويدعو إلى الثقة بالنتيجة القريبة فضلا عن النتائج القصوى.
بل لو كان «كارل ماركس» مخلصا لمذهبه لتردد في دعواه العلمية أشد من تردد المخالفين له من أبناء عصره.
إذ كان العلم على مذهبه مصطبغا بالصبغة البرجوازية، مسخرا لخدمة الطبقة الاجتماعية القابضة على زمام الإنتاج، فهو علم ناقص مدخول لا تستقيم النتائج منه في جميع الأحوال، ولا يستطيع «كارل ماركس» أن يزعم أن عبقريته الفردية تناولت ذلك العلم البرجوازي فصححته وخلصته من شوائبه ونفت عنه الزيف قبل زوال سلطان البرجوازية ورأس المال، فإن العبقرية الفردية عنده لا تنشئ علما مستقلا عن الظروف الاجتماعية، ومن قال بجواز ذلك فإنما يهدم التفسير الاقتصادي للتاريخ، كما شرحه «كارل ماركس» هدما ذريعا لا يبقيه على قرار.
إلا أن «كارل ماركس» لا تعنيه أمانة العلم في مذهبه ولا في مذهب غيره، ومن ضياع الوقت على غير طائل أن يناقشه المناقشون على القواعد العلمية، وهم يقذفون بالعلم والعقل إلى عرض البحر ساعة يسلمون دعواه، ويأخذون مأخذ الجد في إنكار زعمه أنه قبض على زمام القوانين المادية ماضيا وحاضرا ومستقبلا، واتجه بها إلى الوجهة التي لا تحيد عنها يوما في مجتمعات بني الإنسان ما بقي للإنسان وجود.
إن الذي يسلم هذه الدعوى يهزل ولا يجد، ويكلف العلم شططا لا يحسب من العلم في شيء.
وما بقي اليوم من أحد يسلم لهذه الدعوى صفة العلم إلا أن يكون واحدا من فريقين: الفريق الأول أتباع «كارل ماركس» الذين أسسوا برامجهم على مذهبه، وارتبطت دعايتهم في أقطار العالم بنبوءاته، وأوغلوا في الطريق التي لا رجوع عنها في أمان إلا بعد نسيان هذه الدعاية، واستعداد الأتباع والأشياع لمواجهة الواقع غير مصطدمين منه بصدمة المفاجأة.
فهؤلاء يعلمون من التجربة العملية أن مذهب «كارل ماركس» مناقض للعلم والعمل ومتعذر التطبيق والتنفيذ بحروفه أو بعد التصرف الكثير فيه، ومعاذيرهم التي يعتذرون بها لمخالفته أنهم لا يزالون في أول التجربة بين عقابيل الماضي ومقاومة الخصوم، وأن الأمر يدعو إلى قليل من المساومة والهوادة ومجاراة الظروف إلى حين، ثم إلى حين آخر بعد ذلك الحين.
Bog aan la aqoon