Shuhada Tacassub
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Noocyada
وقال الكردينال: والآخر؟
أجاب: هو سجينك الليلة. فإن الملكة اقتادتهما في تلك الليلة معا إلى دهليز خفي، وتذكر أن المسيو دي مزغونة كان من حراس الملكة في اليوم التالي.
وكان الكردينال قد خامره ارتياب في كل ذلك، لكنه لم يجد أقل برهان عليه، فقال للمحامي: أصغ إلي إن كان يهمك الانتقام من الرجل الآخر، فنحن وأخي نساعدك، وأنا أعرف من تعني، فهو شجاع باسل، وأنت وحدك لا تقوى عليه، ولا يمكن أن تظفر به، ولكن إذا ساعدناك فإنما نفعل بشرط واحد. - ما هو؟ - إن الملكة ألد أعداء مذهبنا فلا بد لنا من إضعافها. فعليك أن تدون ما قلته لي. - إنك تعرضني لانتقام الملكة. - لا بد من ذلك، وهي لا تجسر على الانتقام منك ما دمت من أتباعنا وذوينا. - إني أعدك بما تروم. - والآن عليك أن تكتب إقرار هذا الخائن. ولما رجع الرجلان إلى الحجرة الواطئة كانت المرأة التي تبعت المحامي تزفر زفرات حرى وهي مختبئة في ساحة السلم، وقد سمعت المحادثة، وكانت هذه المرأة - وهي الملكة كاترين - تبكي غرامها الضائع، وحبيبها الوحيد، ومطامعها الذاهبة. ثم تجلدت تجلدا غريبا، ودخلت الحجرة وقصدت إلى الكردينال، فقالت له: ما معنى هذا؟
أجاب: معناه أيتها السيدة أن بيننا جاسوسا يحمل الرسائل إلى الأمير.
قالت: وممن تلك الرسائل؟
قال: لعلك أدرى بها منا؟
قالت: وأي برهان لديك على أن هذا الرجل جاسوس؟
أجاب: إن الشريف المخلص أيتها السيدة لا يفر، ولا يرتحل عن القصر ليلا قبيل معركة. فالمسيو دي مزغونة إذن خائن.
وقد بدأ الجلاد بتعذيب ترولوس، وكان ينظر إلى الملكة في أثناء ذلك التعذيب نظرة وكأنه يقول لها: «أنا هالك أيتها الملكة، ولا طاقة لك على إنقاذي من الردى، ولكن لا تخافي فقد بذلت نفسي فداءك» فتقدمت إليه كاترين، وقد خطر لها وجوب تنجيته، ولكنها لم تهتد إلى طريقة؛ لأن تصرفه لم يكن مما يعذر عليه. فقد ترك خدمة القصر ليلا دون أن يتلقى أمرا، ولم يكن في وسع كاترين أن تقول إنها هي التي أمرته بالذهاب لئلا تفضح نفسها. فلم يكن بد من تركه يموت، وهو الضابط الكريم الذي أحبته حبا كالجنون، وأصبحت عاجزة عن إنقاذه، وفيما هي تنظر إليه انفتحت شفتاه وهمس بهذه الكلمات، قال: إن الرسالة مع جاليو، ولم أقر بشيء، وأنا أهواك، فوداعا!
فدنا الكردينال، وقال: ماذا يقول الشقي؟
Bog aan la aqoon