Shuhada Tacassub
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Noocyada
وفيما كانت ماري ستوارت - أرملة الملك فرنسوا الثاني - تبكي أحر بكاء قرب جثة زوجها، قصد آل جيز حجرة الملك المتوفى، وفتحا خزانته بالمفتاح الذي تسلماه من ماري ستوارت، وأخذا منها ثلاثين ألف دينار. ثم رجعا إلى منزلهما، ولحق بهما بعض القواد والأشراف من أنصارهما وكل منهم يقول: ماذا نصنع؟ وأي مصير يكون مصيرنا؟ فأجابهم الدوق: صبرا ولا تقلقوا فإن مدة الصبر لا تطول، وقد آلت السلطة إلى الملكة الوالدة، ولسوف نعرف نياتها في وقت قريب.
وقد انتشر خبر وفاة الملك فرنسوا الثاني في المدينة، فاطمأنت قلوب البروتستانتيين، وقل تعدي الكاثوليكيين عليهم.
ولم يكن جاليو مكترثا لمشاجرات أبناء الطائفتين، وإنما انصرف ذهنه إلى التفكر في أمير كوندة، وكان موت الملك سببا في تأجيل إنفاذ الحكم عليه، فجعل جاليو يقول في نفسه: هل يطلق سراحه؟ وتجرأ جاليو على دخول القصر بعد أن ارتدى أفخر ملابسه، وقال: لا حاجة بي إلى التنكر بعد اليوم!
وتقلد غدارتين وسيفه الطويل الذي جرح به جنليس وبرداليان، ودخل القصر فألفى الأشراف في اضطراب عام. فقال لجنليس - وهو من رجال الدوق، كما يذكر القراء: هل لك في أن تخبرني عن أمر؟ قال: ما هو؟ قال: إلى من تئول الوصاية على الملك؟ فنظر إليه جنليس مدهوشا، ولم يكن يعرفه، وقال: لست أدري! - وماذا عسى يفعل الدوق دي جيز؟ - لست أدري. - ومتى يحتفل بدفن الملك المتوفى؟
فأجاب جنليس: وهل لهذا الأمر من شأن؟!
ثم لقي جاليو رجلا آخر من رجال آل جيز، هو حاكم أورليان - وهو من نظم فيه تلك الأبيات التي ترجمناها في فصل سابق - فقال له: عفوا أيها الحاكم، إني قادم من أقصى الولايات، وأود أن أعرف متى يدفن الملك فرنسوا.
فرشقه الحاكم بنظرة حائرة، وقال: سيدفن عندما يراد دفنه، وليس هذا الأمر بالشاغل الذي يشغلني الآن. - إذن فأي شاغل لديك؟ - من أنت يا هذا؟ - من رجال الدوق دي جيز. - إذن فكن مستعدا. - لأي شيء؟ - للدفاع عن الدوق. - وهل من يتجرأ عليه الآن؟ - بلا شك. - ومن يقدم؟ - الملكة الوالدة أو ملك النافار، لست أدري. - أشكر لك هذا البيان، وها أنا ذاهب كي ألازم الدوق.
ودخل جاليو رواق القصر فصادف اثنين يتكلمان. قال أحدهما: إن الخطب جلل، وقال الآخر: وإنه لرزء جسيم.
فقال جاليو في نفسه: هذان رجلان يفكران في الملك حقا!
إلا أنه رجع عن رأيه عندما سمع تتمة المحادثة؛ إذ قال أحدهما: يظهر أن الحكم لم يوقع عليه من الملك قبل وفاته. فأجابه الآخر: يا لله ما أفظع هذا الإهمال. قال أحدهما: إذن فلا يمكن إنفاذ الإعدام. - لو تم إعدام أمير كوندة لكان المشهد نادرة حسنة. - ولكنا حصلنا على نفع جزيل. - نعم، ولكننا لسنا من أهل التوفيق.
Bog aan la aqoon