Xusuusta Shuhadada Cilmiga iyo Qurbaha
ذكرى شهداء العلم والغربة
Noocyada
قلت في نفسي لعل فريدا يتفيأ ظلال الأشجار التي على ضفة الغدير، فأسرعت إلى هناك وكلي أمل في لقياه وبنفسي حنين إليه كحنين الأخ إلى أخيه، هنالك سمعت هفيف الريح وسمعت خرير المياه، وسمعت هدير الطيور تغني شجنا.
يالله! كأنني أسمع صوتا ظافرا فوق الجبال، قافزا فوق التلال، هابطا إلى الوديان، وإذا بالصوت الذي كنت أسمعه قد اختفى، واستحالت الحركة إلى سكون عميق. فتشت على فريد وقلبي منكسر ونفسي ملآنة حزنا، ولكن واحزناه طلبته فما وجدته!
يا ربي أين ذهب فريد؟ ومن يعرف أين هو؟ وإذا بصوت خافت يرد علي قائلا: أيتها النفس المضطربة ، اسألي الأمل فهو يعرف أين مستقر الحبيب، اسألي السفينة التي تمخر العباب كالسهم، اسألي الجبل الذي يطل بعظمة واستكبار، اسألي الطبيعة القاسية المتسلطة على الأرواح ، اسألي ذلك السهل التعس حيث سقط حبيبك مع إخوته التعساء حيث صعدت روحه الطاهرة ترفرف كالحمامة إلى ربها.
أيتها السفينة القادمة من شواطئ إيطاليا تحملين في جوفك رفات صديقنا المحبوب، أسرعي به إلينا، إلى هنا، إلى وطنه الذي كان يحن إليه، إلى بيت أمه وأبيه، إلى إخوته النائحين عليه. أطفئي أنوارك أيتها السفينة، قفي أيتها السحب، واهدئي أيتها الرياح، واسكني أيتها الطبيعة ورافقي فريدا في سكونه، في نومه، في راحته.
ما لك يا فريد؟! تجفل كلما دنوت منك! ماذا جنيت حتى تقابلني بهذا الجفاء؟! لقد ناديتك حتى بح صوتي فلم لا تبدي جوابا؟ ألا تسمع زفيري؟ ألا تخترق مسمعك الطاهر كلمات جزعي؟ ألا تصل إلى قلبك الناصع نبضات نفسي ...؟ لقد كسرت قلبي يا فريد ببعدك عني، حتى لقد سقط رأسي إلى التراب وتبللت عيني بالدموع، واحترق قلبي بلهب اللوعة.
أين أنت الآن؟ أين يدك الطاهرة لأمسك بها وأدنيها إلى صدري؟ أين وجهك الصبوح الذي يتألق فيه نور القمر؟ أين ثغرك الباسم الذي يشبه وردة دائمة الفرح أبدية الانشراح؟ أين عيناك البراقتان اللتان يتألف منهما نور الحياء الخالص وقوة الشباب؟ أين منطقك العذب الذي يقطر شهدا؟ أين قلبك الناصع كالثلج اللامع كالبلور الصافي كشعاع الشمس؟ أين روحك الطاهرة المشبهة بدعة الملائكة وطهارة أبناء السماء؟ أين ذهب يا فريد كل هذا؟ أهو في جوف الأرض يخبئه عن نواظرنا التراب؟ كلا، ثم كلا، فحاشا للكمال أن يدفن! وحاشا للطهارة أن تقبر! إن مكانك لفي أسمى طبقات السماء وكأنك بين يدي ربك الذي أحبك أكثر منا فأخذك صغيرا ليقربك إليه ويدنيك إلى عرشه، فسلام عليك حيث أنت الآن، وسلام على روحك الجميلة.
إن جسمك الغصن، وعودك الرطب، فهنا يا فريد في هذه البقعة الضيقة، في هذا المكان الموحش، حيث لا يسمع صوت سوى صوت هفيف الريح ممتزجا بترنيمة الحزن والأسى ترددها بعض العصافير التي ترفرف بأجنحتها فوق ضريحك المقدس. هنا حيث لا شريك ولا أنيس ولا حبيب ولا جليس، هنا حيث يسود السكون الدائم فيملأ النفس هيبة وجلالا، ويخيم ظل الموت فتجمد منه العواطف رهبة وخشوعا.
هنا في وسط هذه الأضرحة الصامتة نودع يا فريد رفاتك الطاهرة، نودع وردة الصباح اليانعة، نودع أملا عاليا ونفسا كبيرة.
أملا؟! آه ما أحلى الأمل وما أمره!
فهو زهرة الربيع التي تنعش النفس وتملؤها رحبا، وفي الآخر تذبل ويذهب عنها جمالها.
Bog aan la aqoon