وهكذا لم يكن غريبا أن يختاره الباشا سكرتيرا خاصا له، حين وقع عليه الاختيار ليكون وزيرا للتجارة.
واستطاع الباشا بنفوذه أن يحتفظ لبهجت بوظيفته في شركة الغزل مع الوظيفة الحكومية التي يشغلها.
واستطاع بهجت بخبثه أن يجعل الشركة تقبل هذا الوضع راضية؛ فهو قد أقنع أمجد علوان رئيس مجلس إدارة الشركة أن عمله مع الباشا في هذا المكان سيتيح أن يستجلب عملاء جددا، مما يزيد أرباح الشركة زيادة واسعة، واستطاع أن يقنعه أيضا أنه سيكون مع الباشا في الصباح، وفي الشركة من بعد مواعيد العمل الرسمية بالحكومة، مقدرا أن العمل الذي كان يقوم به بعد الظهر عند الباشا سيكون عمله الرسمي بالوزارة، وهكذا سيكون في بقية يومه متفرغا لعمله في الشركة.
ولم يفت بهجت في إلحاحه أن يقول لرئيس مجلس الإدارة: يا أمجد بك، أنت تعرف أن الوزارات في مصر سرعان ما تذهب، وأنت كما تعلم محتفظ للباشا بعضوية مجلس الإدارة، فهل كثير علي أن تبقيني بوظيفتي مع ما ذكرته لك من فائدة ستجنيها الشركة من الإبقاء علي. - لم أكن أتصور أنك على كل هذا الذكاء ... توكل على الله، أنت في مكانك من الشركة، فواجبي الأول أن تعتمد الشركة على موظفين لهم ملك من لماحية ومهارة في الإقناع، لا شك أنها لا تتخلى عنك في كل ما تقوم به من أعمال. واستقر الأمر على ذلك.
الفصل الخامس
كان الحاج سعيد العزوني جالسا إلى زوجته الحاجة عايدة، وكان كلاهما منتشيا بالحديث الذي يدور بينهما. - بهجت يا حاجة أصبح أقرب شخص إلى الباشا بعد بناته وأزواج بناته. - بهجت طول عمره يعرف ماذا يريد، كما يعرف كيف يصل إليه. - لك حق، مع أنني كنت أعارضه في مسألة الوظيفة، وكان هو مصمما عليها. - ألم أقل لك إنه يعرف ماذا يريد وكيف يحقق كل ما يفكر فيه؟! - وبالنسبة للزراعة، البركة في مجدي. - وهل مجدي قليل؟ - الحمد لله. - ببركة ربنا ومجدي أرضك تنتج أحسن محصول ليس في بلدنا وحدها، بل في الجيرة كلها. - الشهادة لله، مجدي فلاح لم تجئ به ولادة. - فلماذا لا تزوجه؟ - ألا نزوج الكبير أولا؟ - وماله نزوج الولدين. - يا ستي يختاران هما، ونحن تحت أمرهما. - أليس من الواجب أن تكتب لكل ولد بضعة أفدنة حتى يتقدم لعروسه بعين قوية؟! - يا أم بهجت، وهل سآخذ معي شيئا إلى الآخرة؟ - أطال الله عمرك، ولكن أهل البنات يحبون أن يكون لمن يتقدمون لبناتهم ملك باسمهم؛ فقد يخشى أهل العروس أن يغضب الأب على ابنه لا قدر الله، فتصبح البنت وزوجها وهما لا يجدان اللقمة. - ربنا يقدم الخير.
وطرق الباب وذهبت بدوية وفتحته وصاحت: الحاج طلبة يا سيدي.
وهمس الحاج سعيد لزوجه: ادخلي الآن.
وقامت الحاجة عايدة، وصاح الحاج سعيد: يا مرحبا.
وجلس طلبة إلى الحاج سعيد: هل الأصل في جيبك؟ - ولماذا يكون في جيبي؟ وهل كنت أعرف أنك ستجيء في هذه الساعة؟ - المبلغ اكتمل، ورأيت ألا يطلع عليه الصباح وهو معي. - كانت سلفية مبروكة، وكسبت منها مكسبا كبيرا. - الحمد لله، ربنا أرضاني.
Bog aan la aqoon