الحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه دائما إلى يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخليله خاتم النبيين والمرسلين: صلى الله عليه وعلى أصحابه وأزواجه وذريته أجمعين.
وبعد: فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {يأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة}.
واختلف العلماء في قوله: {كافة}، فقيل معناه: ادخلوا في السلم كلكم.
وقيل معناه: ادخلوا في السلم كافة، أي: كافين عن غيركم لا تمنعوه أن يدخل في الإسلام، فيكون {كافة}: حال من الضمير في {ادخلوا}.
Bogga 25
وقيل معناه: ادخلوا في السلم كله، أي: خذوا بجميع ما أمرتم به، وهذا أصح الأقوال.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها: قول لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة.
وقد جاء في تعداد هذه الشعب أحاديث وآثار، فلنذكرها ولنتكلم على كل منها من حيث صحته وضعفه وعزوه، وبالله التوفيق؛ وعليه التكلان؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.
فنقول: هذا الحديث اشتمل على ثلاث شعب منها: شهادة أن لا إله إلا الله؛ وإماطة الأذى عن الطريق؛ والحياء.
Bogga 26
الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة: الصلاة؛ والزكاة؛ وأداء الخمس؛ والصوم؛ والحج، عن ابن عباس قال: ((قدم وفد عبد القيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، إنا هذا الحي من ربيعة، وقد حالت بيننا وبينك كفار مضر، ولا نخلص إليك إلا في شهر حرام، فمرنا بأمر نعمل به وندعو إليه من وراءنا.
فقال: آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع، آمركم بالإيمان، ثم فسرها لهم بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تؤدوا خمس ما غنمتم)) أخرجاه.
ذكر سبع شعب، غير الإيمان بالله، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والجنة والنار، وبالقدر كله خيره وشره)) الحديث أخرجاه.
Bogga 27
السادسة عشرة والسابعة عشرة: الجهاد؛ وبر الوالدين، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها. قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين. قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قال: حدثني بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: ولو استزدته لزادني)) أخرجاه.
الثامنة عشرة والتاسعة عشرة والعشرون: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)) أخرجاه.
الحادية والعشرون: حب الأنصار، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار)) أخرجاه.
Bogga 28
الثانية والعشرون: حب علي، عن زر بن حبيش رضي الله عنه قال: ((والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي: أن لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق)) رواه مسلم.
الثالثة والعشرون: عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) أخرجاه.
الرابعة والخامسة والسادسة والعشرون: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)) أخرجاه.
Bogga 29
السابعة والعشرون: إفشاء السلام، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم )) رواه مسلم من ذا الوجه.
الثامنة والتاسعة والعشرون: عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)) رواه البخاري.
الثلاثون: عن أبي هريرة وغيره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وصلى عليها، ثم انتظرها حتى توضع في قبره: كان له من الأجر قيراطان، أحدهما مثل أحد، ومن صلى عليه ثم رجع كان له قيراط)) رواه البخاري.
الثانية والثلاثون: الخروج في سبيل الله، لحديث أبي هريرة:
Bogga 30
((تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسولي .. .. )) وهو في الصحيحين.
الثالث والثلاثون: عن أبي هريرة قال: ((قال رجل: يا رسول الله، إن أحدنا ليحدث نفسه بشيء ما يود أنه تكلم به من أن له ما على وجه الأرض. قال: ذاك محض الإيمان)) رواه مسلم.
وروي عن ابن مسعود قال: ((شكي إلى رسول الله الوسوسة، قال: ذاك صريح الإيمان)).
الرابع والثلاثون: عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن البذاذة من الإيمان)).
Bogga 31
الخامس والثلاثون: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن)).
السادس والثلاثون: عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وإن حسن الخلق ليبلغ درجة الصوم والصلاة)).
السابع والثلاثون: عن أنس قال: ((ما خطب رسول الله إلا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له)).
الثامن والثلاثون: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أعجب الخلق إلي: إيمان قوم يكونون من بعدكم، يجدون صحفا فيها كتب يؤمنون بما فيها)).
Bogga 32
وروي من حديث أبي هريرة أيضا.
التاسع والثلاثون: عن عبيد بن عمير أن رسول الله قيل له: ((ما الإسلام؟ قال: إطعام الطعام . فقيل له: فما الإيمان يا رسول؟ قال: السماح والصبر)) رواه الزهري عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه.
الأربعون: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: ((والله لا يؤمن؛ والله لا يؤمن؛ والله لا يؤمن. قالوا: وما ذاك؟ قال: جار لا يأمن جاره بوائقه)) رواه البخاري.
Bogga 33
الحادي والأربعون: قال البغوي: ثنا علي بن الجعد حدثنا أبو غسان عن حسان بن عطية عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الحياء والعي شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق)).
الثاني والأربعون: قال ابن وهب: حدثنا عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان. قال الله تعالى: {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر})).
Bogga 34
الثالث والأربعون: عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد، إذا ابتلي شيء منه: تداعى سائره بالسهر والحمى)) رواه مسلم.
الرابع والأربعون: عن أبي موسى قال: قال رسول الله: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)).
الخامس والأربعون: قال الزبير بن بكار: ثنا خالد الوضاح عن أبي حازم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: ((المؤمن يألف، ولا خير فمين لا يألف ولا يؤلف)).
Bogga 35
السادس والأربعون: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن من تمام إيمان العبد: أن يستثني في كل حديثه)).
لا يثبت هذا الحديث، لأن من رواته داود بن المحبر عن معارك بن عباد عن عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة، وهذا سند مجمع على إطراحه.
السابع والأربعون: قال محمد بن خالد عن الثوري عن زبيد عن مرة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله)).
الثامن والأربعون: قال أبو قلابة الجرمي عن رجل من أسلم عن أبيه قال: ((قال النبي: أسلم تسلم. قال: قلت: يا رسول الله، وما الإسلام؟ قال: أن تسلم لله ويسلم المسلمون من لسانك ويدك. قال: فأي الإسلام أفضل؟ قال: الإيمان. قال: وما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث من بعد الموت. قال: فأي الأعمال أفضل؟ قال: الهجرة.
Bogga 36
قال: وما الهجرة؟ قال: أن تهجر السوء. قلت: فأي الهجرة أفضل؟ قال: الجهاد. قلت: وما الجهاد؟ قال: أن تجاهد الكفار إذا لقيتهم، لا تغل ولا تجبن. قال: ثم عملان وهما من أفضل الأعمال وأكملها -ثلاث مرات-: حج مبرور أو عمرة)).
التاسع والأربعون: قال البغوي: ثنا هدبة، ثنا عبيد بن أسلم عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله: ((مثل المؤمن مثل السنبلة، تميل أحيانا وتقوم أحيانا)).
الخمسون: قال عدي بن ثابت عن زر عن علي قال: ((والذي فلق الحبة وبرأ النسمة تعهد إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق)) رواه مسلم.
Bogga 37
الحادي والخمسون: قال نعيم بن حماد: ثنا عثمان بن كثير بن دينار عن محمد بن المهاجر عن عروة بن رويم عن عبد الرحمن بن غنم عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن أفضل إيمان المرء: أن يعلم أن الله معه حيث كان)).
الثاني والخمسون: قال خالد بن عبد الله: عن الأجلح عن أبي الضحى عن العباس بن عبد المطلب قلت: ((يا رسول الله، إنا لنعرف الضغائن في وجوه أناس من أصحابك من وقائع أوقعنا فيهم. فقال رسول الله: قد فعلوا؟ قال: نعم. قال: ما كانوا ليؤمنوا أو يأتيهم حب الإيمان حتى يحبوكم لله ولرسوله، أيرجوا هم شفاعتي ولا يرجوها بنو عبد المطلب؟)).
حب الأنصار؛ الأمر بالمعروف؛ النهي عن المنكر؛ السلام على الأهل إذا دخلت عليهم؛ السلام على القوم إذا مررت بهم، فهذه خمس شعب، في كل منها حديث صحيح.
Bogga 38
ثلاث شعب أخرى، عن أنس قال: قال رسول الله: ((ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار)) رواه في الصحيح.
الحادي والستون: عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب للناس ما يحب لنفسه، وحتى يحب المرء لا يحبه إلا لله)).
الثاني والستون: عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الطهور شطر الإيمان)) رواه مسلم.
الثالث والستون: عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا يستكمل العبد الإيمان حتى يحسن خلقه، ولا يشفي غيظه)) رواه الطبري من حديث أبي مودود عن أبي حازم عن أنس.
الرابع والستون: قال اللالكائي الطبري، ثنا عبد الله بن إبراهيم بن الطلقي الاستراباذي ثنا أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الاستراباذي ثنا محمد بن عبد الحكم القطري الرملي ثنا آدم بن أبي إياس ثنا شعبة عن الأعمش عن يحيى بن وثاب عن ابن عمر قال:
Bogga 39
قال رسول الله: ((المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)).
الخامس والستون: قال ابن عباس: (لا يصيب عبد أو رجل حقيقة الإيمان حتى يرى الناس كأنهم حمقى في دينهم) إسناده صحيح عنه.
السادس والستون: قال ابن مسعود: (إن الله قسم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن يبغض، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب، فمن ضعف عن هذا الليل أن يكابده، وعن هذا المال أن ينفقه، وجبن عن هذا العدو أن يقاتله: فليكثر من سبحان الله والحمد لله، فإنها أحب إلى الله من جبل ذهب وفضة) إسناد صحيح.
Bogga 40
أربع شعب أخر: قال أبو الدرداء: (ذروة الإيمان أربع: الصبر للحكم، والرضا بالقدر، والإخلاص للتوكل، والاستسلام للرب).
الحادية والثانية والسبعون: قال ابن أبي حاتم: ثنا الحسين بن عبد الله الواسطي إمام مسجد العوام أنا عبد الرزاق أنا معمر عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: الإنفاق من الإقتار، وبذل السلام للعالم، وإنصاف الناس من نفسه)).
قال اللالكائي: رفعه غريب. يعني: والصحيح أنه موقوف.
الثالثة والسبعون: إحباس الخيل في سبيل الله، لحديث أبي هريرة: ((من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقا بموعود الله: كان شبعه وروثه وبوله حسان في ميزانه يوم القيامة)) رواه البخاري.
Bogga 41
تمت بحمد الله وعونه وحسن توفيقه، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
نقلتها من الأصل المنقول من أصل المصنف عفى الله عنه.
Bogga 42