٤١- حول تسمية القرآن الكريم مريم " أخت هارون " واختلافه فى ذلك مع الكتاب المقدس
يسمى القرآن والدة المسيح ﵇ باسم " أخت هارون " [مريم: ٢٨] ولعل محمدًا ﷺ، خلط بين مريم أم المسيح، ومريم أخرى كانت أختًا لهارون الذى كان أخًا لموسى ﵇ ومعاصرًا له، ولا يوجد مثل هذا التناقض فى الكتاب المقدس. (انتهى) .
الرد على الشبهة:
يتحدث القرآن الكريم عن مريم - أم المسيح ﵉، باسم " أخت هارون ".. وذلك فى سورة مريم، فيقول مخاطبًا إياها فى الآية: ٢٨: (يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سَوْءٍ وما كانت أمك بغيًّا (.. وليس لهذه التسمية ذكر فى الإنجيل.
بل الثابت - فى القرآن والأناجيل - أن مريم هى ابنة عمران (ومريم ابنة عمران التى أحصنت فرجها) (١) .
وعمران هذا هو من نسل داود ﵇ أى من سبط ونسل " يهوذا "، وليس من سبط ونسل " هارون " سبط " اللاويين " فكيف دعاها القرآن " أخت هارون "؟.
هذا هو التساؤل والاعتراض الذى يورده البعض شبهة على القرآن الكريم.. والحقيقة التى تفهم من السياق القرآنى، أن تسمية مريم بـ " أخت هارون "، ليست تسمية قرآنية وإنما هى حكاية لما قاله قومها لها، وما خاطبوها ونادوها به عندما حملت بعيسى ﵇ عندما استنكروا ذلك الحمل، واتهموها فى عرضها وشرفها وعفافها.. فقالوا لها: (يا مريم لقد جئت شيئًا فريًّا * يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سَوْء وما كانت أمك بغيًا) (٢) .
فلماذا نسبها قومها إلى هارون؟.
يختلف المفسرون فى التعليل.. فمنهم من يقول إن هارون - المشار إليه - كان رجلًا فاسقًا، اشتهر بفسقه، فنسبها قومها إليه، إعلانًا عن إدانتهم لها.
ومن المفسرين من يقول إن هارون هذا كان رجلًا صالحًا، مشهورًا بالصلاح والعفة.. فنسبها قومها إليه سخرية منها، وتهكمًا عليها، وتعريضًا بما فعلت، واستهزاء بدعواها الصلاح والتقوى والتبتل فى العبادة بينما هى - فى زعمهم - قد حملت سفاحًا..
وقيل: إنه كان لها أخ من أبيها اسمه هارون وكان من عُبّاد وصلحاء بنى إسرائيل - فنسبوها إليه ـ.. واسم هارون من الأسماء الشائعة فى بنى إسرائيل (٣) .
والشاهد - من كل ذلك - أن هذه التسمية لمريم بـ " أخت هارون "، ليست خبرًا قرآنيًا، وإنما هى حكاية من القرآن الكريم لما قاله قومها.. وهذه الاحتمالات التى ذكرها المفسرون، تعليلًا لهذه التسمية هى اجتهادات مستندة إلى تراث من التاريخ والقصص والمأثورات.
_________
(١) التحريم: ١٢.
(٢) مريم: ٢٧، ٢٨.
(٣) انظر فى ذلك [قصص الأنبياء] ص ٣٨٣، ٣٨٤ - مرجع سابق - و[الجامع لأحكام القرآن] ج١١ ص ١٠٠، ١٠١ - مصدر سابق ـ. و[الكشاف] ج٢ ص ٥٠٨ - مصدر سابق ـ.
1 / 90