حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ).
هذا ما ذكره الله ﷿ من حال قوم لوط، فهل كان فيهم الإشراك بالله؟ اختلفوا فيه على قولين:
القول الأول: وقف بعض العلماء على ظاهر ما قصه الله علينا من خبر نبيه لوط ﵇؛ حيث اقتصر ظاهر الآيات على النهي من ارتكاب الفاحشة والتحذير من عاقبتها، فيستنبط من خلالها أن القوم ليس فيهم شرك وإلا لنهوا عنه، وأمروا بعبادة الله تعالى وحده، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض مصنفاته؛ إذ يقول بعد أن ذكر هلاك قوم صالح وأهل مدين: (وقوم لوط ذكر عنهم استحلال الفاحشة، ولم يُذَكَّرُوا بالتوحيد بخلاف سائر الأمم، وهذا يدل على أنهم لم يكونوا مشركين).
القول الثاني: نظر بعض المفسرين إلى الأصول العامة لدعوة الرسل ﵈، وأهمها الدعوة إلى توحيد الله تعالى، كما جاء في سورة الأنعام في قوله تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) - إلى قوله تعالى ـ: لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، وكما جاء في سورة الأنبياء في قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ).
فبناء على هذا نصوا على أنه ﵇ نهى قومه عن الشرك، ومن ذلك: ما ذكره ابن كثير في قوله: (دعاهم إلى الله تعالى أن يعبدوه وحده لا شريك له،