وعن عبدالله بن مسعود: إذا وجدت المني فاغسله، وعن ابن عمر الغسل أيضا؛ ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سوى بين المني وبين البول والغائط والدم وهي نجسة عند الجميع، فوجب أن يكون نجسا؛ ولأن قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمار لا يخلو إما أن يكون خبرا أو يكون أمرا، فإن كان خبرا وجب أن يكون مخبره على ما تناوله، وإن كان أمرا فالأمر يقتضي الوجوب، ولأن المذي من أجزاء المني إلا أنه لم يخرج على وجه الدفق، وقد أجمعنا على نجاسة المذي فكذلك المني، يزيده وضوخا في نجاسة المذي.
(خبر) وروي عن حرام بن حكيم، عن عمه عبدالله بن سعد قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الماء يكون بعد الماء؟ فقال: ((ذاك المذي، وكل فحل يمذي فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك وتوضأ وضوءك للصلاة)) دل ذلك على أن نجاسة المذي لإيجاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم غسل الذكر والأنثيين منه، ودل خبر عمار على نجاسة ما عدده في خبره كما بيناه.
(خبر) فأما ما روي عن عائشة أنها قالت: أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أفرك المني من ثوبه إذا كان ياسبا وأغسله إذا كان رطبا فهو محمول عند أئمتنا (عليهم السلام) على أنها تفركه إذا كان يابسا قبل الغسل، ثم تغسله بعد ذلك بدلالة.
(خبر) روي عن عائشة أنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يغسل موضع المني من ثوبه، ثم يخرج إلى الصلاة ولم تفصل بين أن يكون رطبا أو يابسا، فاقتضى ذلك ما ذكرناه، فإن قيل: إن المروي عن عائشة أنها قالت: كنت أحت المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يصلي، ولو كان نجسا لما انعقدت معه الصلاة، فلنا عن ذلك جوابان:
أحدهما: أن تكون اعتقدت طهارته ولم يعلم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واجتهادها ليس بحجة، ولا يجب علينا اتباعها، وإذا كان نجسا وصلى فيه صلى الله عليه وآله وسلم ولم يعلم به صحت صلاته.
Bogga 61