(خبر) وروى نافع، عن ابن عمر أنه كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء بعدما يغيب الشفق، وفي بعض الروايات هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعل، ففي هذا الخبر الجمع بينهما في وقت الثانية، وقد ذكر هذا المعنى الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام محتجا به، وقد احتج المؤيد بالله لمذهب يحيى عليه السلام بما هذا معناه، واستدل الهادي عليه السلام في (المنتخب) بما لفظه: فأجاز صلى الله عليه وآله وسلم بفعله هذا صلاة الظهر في وقت صلاة العصر، وصلاة العصر في وقت صلاة الظهر؛ لأنه صلى الظهر والعصر وظل كل شيء مثله فوجب بفعله هذا أن وقت الظهر كله وقت للعصر ووقت العصر كله وقت للظهر؛ لأن من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله وقت واحد ممدود لا مرية فيه، وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الوقت الواحد الظهر والعصر عند زوال الشمس، ومن فعل ذلك فقد أدى الصلاتين في أوقاتهما؛ لأن أول الوقت كآخره، وآخره كأوله في تأدية صلاة، واستدل أيضا بقول الله تعالى: {ياأيها المزمل، قم الليل إلا قليلا، نصفه أو انقص منه قليلا، أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا}[المزمل:1-4] قال: وكان ذلك من الله توقيتا لما فرض الله من الصلاة في الليل من المغرب والعتمة فرضا، قال: والدليل على أنه عني بذلك الفرض قوله سبحانه من بعد ذلك:{ والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة}[المزمل:20] على أن ذلك من الصلاة فرض كفرض إيتاء الزكاة إذا ضمه إليها، ولو كانت الصلاة نافلة لم يضمها إلى الزكاة المؤكدة فدل بذلك سبحانه على أن الدليل كله من أوله إلى آخره وقت للمغرب والعشاء، قال: وفي ذلك ما روى عبدالرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء قال: لا تفوت صلاة النهار الظهر والعصر حتى الليل، ولا تفوت صلاة الليل المغرب والعشاء حتى النهار، ولا يفوت وقت وقت الصبح حتى تطلع الشمس.
قال: وروى عبدالرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء قال: كان يقول: لا تفوت الظهر والعصر حتى الليل، ولا يفوت المغرب والعشاء حتى الفجر، ولا يفوت الصبح حتى تطلع الشمس.
قال: وروى عبدالرزاق، عن ابن جريج: أن طاؤوسا كان يقول: لا يفوت الظهر والعصر حتى الليل، ولا يفوت المغرب والعشاء حتى الفجر، ولا يفوت الصبح حتى تطلع الشمس، إلى أن قال فهذه أخبار صحيحة موافقة لكتاب الله أن وقت الظهر والعصر من زوال الشمس إلى الليل، ووقت المغرب والعشاء إلى الفجر.
قال: وهو قول ثابت، وهو قول جدي القاسم عليه السلام.
قال: والدليل على صحة هذا القول وثباته أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء الأخيرة بالمدينة من غير سفر ولا خوف ولا مطر، ثم روى بإسناد له عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر.
قال: قيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: لا يحرج أمته.
قال: وروى مالك بن أنس، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثله سواء.
(خبر) قال: وروى عبدالرزاق، عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين الظهر والعصر بالمدينة من غير سفر ولا خوف.
قال: قلت لابن عباس: ولم تراه فعل ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أحدا من أمته.
Bogga 143