على أنه يشبه أن تكون الحدود المحتاج إليها من المزاج فى تهيئة المادة لقبول الصورة التركيبية لا تحصل ولا تبقى إلا بالمزاج. فهذا هو الذى يجب أن يعقل من أمر وجود البسائط فى المركبات؛ والذى يقع من الاضطراب فى إعراب القدماء عنه هو مالا يتميز لبعضهم الصور التى بها النار نار والماء ماء عن هذه الكمالات التابعة.
على أن هؤلاء إذا سئلوا فقيل لهم: ما تعنون بقولكم إن الماء بارد ورطب إذا حد؟ ثم الماء هل هو برد بالفعل أم برد بالقوة؟
فيقولون إنا نعنى بذلك بردا بالقوة، و لسنا نعنى به البرد بالفعل . فيكون أخذهم البرد فى حد الماء مصروفا إلى وجود معنى فى المائية يقوى الماء على أن يبرد؛ ومحال أن يبرد، ولا يتبرد. فيكون المأخوذ فى حد الماء هو القوة التى يصدر عنها التبريد بالفعل للماء و لما يجاوره. و ليس هذه القوة على البرد بالفعل كقوة النار على البرد بالفعل. و ذلك لأن النار تحتاج إلى أن تنسلخ صورتها عن مادة وتلبس صورة أخرى حتى تكون لها هذه القوة.
وأما الماء فهذه القوة فيه قريبة جدا من الفعل لا تحتاج، فى صدور الفعل منها إلا إلى زوال المانع. فهذه القوة ليست قوة الهيولى؛ بل هى صورة زايدة على الهيولى، فاعلة للبرد فى الماء. وفيما ينفعل عنه بتوسطه.
وهم إذا قالوا إن العناصر بالامتزاج تنكسر حمياتها، وتصير بالقوة هى ما هى إنما يعنون هذه القوة القريبة. فهذه القوة القريبة هى فصل حد كل واحد منهما. وإذا بقى للشىء فصل حده لم تفسد صورته لا محالة.
Bogga 138